سئل العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – عن قيام أحد المؤذنين بالأذان والنعال في قدميه، خاصة وأنه قد اعترض كثير من الإخوان لما رأوا المؤذن يؤذن وهو منتعل، فأجاب – رحمه الله -:"لا مانع من لبس النعال وقت الأذان، وحتى في الصلاة، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم –" صلى في نعليه"،غير أنه ينبغي على المؤذن والمصلي أن يتأكد قبل دخول المسجد من طهارة نعليه، وطهارتها كما هو معلوم دلكها بالأرض، وأما الذين اعترضوا فلا علم لديهم، ولا يجوز لهم الخوض فيما لا علم لهم به" [32]
النعال المحرمة والتي لا يجوز لبسها:
يكون لبس النعل محرما في صور وأنواع متعددة والتي من أهمها ما يلي:
· أ: إذا قصد بلبسها الكبر:
الكبر صفة كمال لله جل وعلا، فلا يجوز لأحد من الخلق أن ينازع الله في صفاته، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن رب العزة جل وعلا قال:"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار" [33]،وتوعد الله المتكبرين بصنوف من العذاب في الدنيا والآخرة، فقد صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:"بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل جمته، إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة" [34]
قلت: النعل أو الثوب الحسن نفيس أو غير نفيس لا يعد من الكبر الذي تُوعد صاحبه، والذم يقع على من كان في قلبه الكبر، والعجب بالنفس والهيئة والبطر، قال ابن حجر – رحمه الله -:"والذي يجتمع من الأدلة أن من قصد بالملبوس الحسن إظهار نعمة الله عليه مستحضراً لها شاكرا عليها غير محتقر لمن ليس له مثله، لا يضره ما لبس من المباحات ولو كان في غاية النفاسة، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود:"أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة فقال:إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس"
· ب: إذا كان في لبسها شهرة:
يحرم لباس النعل لقصد الاشتهار ولمخالفته الناس وليشار إليه بالبنان، فقد تسابق الناس في هذا الزمان إلى لبس النعل والملابس النفيسة بقصد لفت أنظار الناس إليهم، واشتهارهم بينهم مع الكبر والترفع عليهم، جاهلين أو متجاهلين قوله – صلى الله عليه وسلم -:"من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة" [35]
قال ابن الأثير:"الشهرة ظهور الشيء والمراد أن ثوبه يشتهر بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم فيرفع إليه أبصارهم، ويختال عليهم بالعجب والتكبر" [36]
وقال الشوكاني في النيل:"إذا كان اللبس لقصد الاشتهار في الناس فلا فرق بين رفيع الثياب ووضيعها والموافق لملبوس الناس والمخالف، لأن التحريم يدور مع الاشتهار، والمعتبر القصد وإن لم يطابق الواقع" [37]
وثوب الشهرة قد يكون بالوضيع من الثياب أو النعال، كمن يلبس رديء الثياب والنعل ليعتقد الناس فيه الزهد والورع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:"وتكره الشهرة من الثياب، وهو المترفع الخارج عن العادة، والمنخفض الخارج عن العادة، فإن السلف يكرهون الشهرتين، المترفع والمتخفض، وفي الحديث"من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة" وخيار الأمور أواسطها" [38]
ج: إذا كانت النعل مصنوعة من جلود السباع فلبسها محرم:
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[24 - 06 - 02, 05:43 م]ـ
وفقك الله أخي ابن دحيان.
وبارك الله في كاتب البحث.