تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[فقه الرؤى]

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[09 - 05 - 02, 06:03 ص]ـ

بسم الله

مما لا شك فيه عند أهل السنة و الجماعة مقام الرؤى و علو مكانها.

و لكن الناس أصبحوا فيها طرفان و وسط:

الأول: من غلا فيها و جعلها تشريعاً و حكماً على أمور و لأمور.

الثاني: من لم يرها شيئاً بل هون منها و قلل من شأنها.

و كلاهما مخطيء ليس على صواب من أمره.

الثالث: من اعتبرها باعتبار الشرع لها فخالف القسمين الأولين.

و هذه فصول من بحث كتبته أردت البوح بها إليكم أستنير فيها بآرائكم و تعقيباتكم.

عظم شأن الرؤيا الصالحة

لقد وردت أخبار كثيرة عن النبي (صلى الله عليه و سلم) في ذكر شأن الرؤيا العظيم في الدين، و هذه جملتها:

1) عن أبي هريرة _ رضي الله عنه _ قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه و سلم) يقول: " لم يبق من النبوة إلا المبشرات " قالوا: و ما المبشرات؟، قال: " الرؤيا الصالحة ". [البخاري].

2) عن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ أن رسول الله (صلى الله عليه و سلم) قال: " أيها الناس: إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له " [مسلم].

3) عن أنس بن مالك _ رضي الله عنه _ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم): " إن الرسالة و النبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي و لا نبي "، فشقَّ ذلك على الناس، فقال: " و لكن المبشرات "، قالوا: و ما المبشرات؟، قال: " رؤيا الرجل المسلم و هي جزء من النبوة " [أحمد و الترمذي و قال: حسن صحيح غريب].

4) عن عامر بن واثلة _ رضي الله عنه _ قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم): " لا نبوة بعدي إلا المبشرات "، قال: قيل: و ما المبشرات؟، قال: " الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له " [الطبراني، الهيثمي ووثق رجاله].

...

بيان حقيقة الرؤى

اختلفت أقوال أهل العلم في بيان حقيقة الرؤيا، و تضادت أقوالهم في ذلك.

و لكن الذي يظهر لي _ و الله أعلم _ أن بيان حقيقة الرؤيا عائد إلى أقسامها؛ فالحقيقة متعلِّقة بالقسم الذي يُتحدَّثُ عنه من أقسام الرؤى.

و هي في الجملة: إدراكات علقها الله في قلب العبد على يدي ملك أو شيطان، إما بأسمائه، و إما بكناها، و إما تخليط. (انظر: الفتح (12/ 353)

فحقيقة الرؤيا على أقسام ثلاثة:

الأول: في الرؤيا الصالحة؛ فحقيقتها: أنها أمثال مضروبة يضربها مَلَكُ الرؤيا للرائي فيعبر من ظاهر الرؤيا إلى باطنها، و تكون دالة على خير و بشارة.

الثاني: في الرؤيا الشيطانية؛ فحقيقتها: خيالات يُرِيْها الشيطان العبد، و تكون مُحْزِنَةٌ و مؤذية.

الثالث: في الأضغاث؛ فحقيقتها: هواجس نفسية يُحدثها ما يُشغل العبد به فِكره و نفسه في اليقظة.

هذه قسمة حقيقة الرؤى و تفصيلها، و هي مُغْنِيَة عن الإجمال فيها.

ملاحظة: الكلام للنقاش العلمي، و ليس تقريراً و حكماً أخيراً على ما كتبته.

أرجو التنبه ...

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[02 - 06 - 02, 04:28 م]ـ

للرفع، و إبداء الرأي و المشاركة

ـ[ابن معين]ــــــــ[03 - 06 - 02, 01:19 ص]ـ

أحسنت أخي الفاضل (ذو المعالي) على هذا المقال المفيد، ونحن بانتظار الحلقات الأخرى لهذا الموضوع المهم.

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[05 - 06 - 02, 12:41 ص]ـ

ثالثاً

الرؤى من حيث جواز تعبيرها و عدم جوازه.

إذا نظرنا إلى الأحاديث الواردة في الرؤى وجدناها قسمت الرؤى إلى ثلاثة أقسام _ مرَّ ذكرها _، فهل هذه الأقسام حكمها واحد، و هل كلها يجوز تعبيرها.

الحق أن الرؤى التي يجوز تفسيرها هي (الرؤيا الصالحة) و ذلك لأمور:

الأول: أنه ورد في الأحاديث فضلها الكبير الكثير.

الثاني: أنها من الله _ تعالى _، و ما كان منه فهو خير.

الثالث: أنها من المبشرات للمسلم.

الرابع: أن الرؤى الأُخَر إما أن تكون من الشيطان _ و هو لا يأتِ بخير _، و إما أن تكون من الأضغاث فهذه خيلات لا نفع فيها.

رابعاً

أقسام الرؤى الصالحة.

ذكرنا أن الرؤيا التي يجوز تعبيرها، و يُحْرَص على تفسيرها هي الرؤيا الصالحة، و هي على نوعين:

أولهما: ما هو ظاهر منها معناها فلا تحتاج إلى تعبير.

و منها: رؤيا إبراهيم عليه السلام في ذبح ابنه إسماعيل. و منها رؤيا النبي صلى الله عليه و سلم ربَّه في أحسن صورة.

و في الباب أخبار كثيرة.

ثانيهما: ما تحتاج إلى تعبير _ و هي الأكثر _ و هي التي أشار إليها ابن العربي.

و ليس معناها ظاهر منها بل تحتاج إلى معبِّرٍ عالم بالتعبير.

و ههنا وقفة، و هي: أن كثيراً من الناس قد يطرح الرؤيا في مجلس فيقوم البعض _ و هو ليس أهلاً للتعبير _ فيعبر الرؤيا _ و الرؤيا ظاهر منها تعبيرها _ فيغترَّ الرائي بالمعبر فيجعل رؤاه كلها لهذا.

و هذا العمل لا يجوز و يحرم على الرجل أن يعبر رؤيا إلا إذا كان عالماً بالتعبير _ و الله أعلم _. لأن التعبير علم و لا يجوز للشخص أن يُقْدِمَ على أمر إلا و هو عالم به، عارف بطرقه.

و لما غاب عنا هذا الأصل بُلِيْنا بأقوام يُعَبِّرُوْن الرؤى الظاهرة و يظنون أنهم ممن آتاهم الله قدماً راسخة في التعبير فيغررون الناس، و الناس _ كما هو الأصل من حالهم _ أتباع كل ناعق، و لا يحتاجون إلى إقناعات _ و الله المستعان _.

خامساً

أنواع الرؤيا

من المهم معرفة أقسام الرؤى و هي على نوعين، هما:

1) الرؤيا الصالحة أو الصادقة. و هذه هي رؤيا الأنبياء و الصالحين، و لغيرهم بندرة، و علامتها أنها تقع في اليقظة كما هي في المنام.

2) الرؤيا الكاذبة و هي: الأضغاث.

و الأضغاث على أقسام:

1) تلاعب الشيطان ليحزن الرائي.

2) أن يرى الملائكة تأمره بفعل المحرمات أو ترك الواجبات.

قلت: و في هذا نظر لأن هذه الحال أمر بمعصية و الملائكة منزهون عن ذلك، و إنما هذه حال الشياطين فإنها تأمر بذلك و هي _ أيضاً _ تكذب و الملائكة لا يكذبون.

و لكن توجيه هذا الكلام _ و القائل به الحافظ ابن حجر في الفتح _ أنه مما يُخّيَّل للرائي أن المرئي مَلَكٌ من الملائكة.

3) أن يرى في المنام ما تتحدث به نفسه في اليقظة أو يتمناه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير