1/ قال: [س: هل يجوز زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم؟ وما آداب هذه الزيارة؟ ج: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر زيارة قبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو على الأصح زيارته في قبره، على رأس زيارة القبور استحبابًا. وقد عقد القسطلاني في المواهب اللدنية فصلاً خاصًا بها، كما عقد الشيخ السمهودي في كتابه " وفاء الوفا " فصلًا خاصًا بها أيضًا، أورد فيه أحاديث كثيرة، قال الذهبي عنها: طرقها ليِّنة يقوي بعضها بعضًا، وليس في رواتها متهم بالكذب.].
الجواب:
1 - زيارة القبور منها ما هو شرعي ومنها ما هو محرم بدعي.
فزيارة القبور الشرعية تكون: بغير شد رحل، وبقصد الاتعاظ وتذكر الموت، وللدعاء لأهل القبور والسلام عليهم.
والزيارة البدعية الشركية: إذا شدت الرحال لأجلها –أي: لأجل القبور- فلا يجوز، وكذا لو ذهب لزيارة القبور –سواء كان بشد رحل أو بغير شد رحل- لأجل التبرك بمواضعها والصلاة فيها أو رجاء الإجابة في تلك البقاع –القبور- فهذه زيارة محرمة شركية ولكنه شرك أصغر لا يخرج من الملة وهو أعظم من الكبائر، وكذلك إذا زار القبور لدعاء الموتى وطلب الغوث منهم، وطلب الرزق والشفاء ودعاء الموتى فهذا هو الشرك الأكبر وهو الذي كان عليه أبو جهل وأبو لهب، وهو الذي بسببه استحل النبي -صلى الله عليه وسلم- دماء المشركين وأموالهم وأعراضهم.
فمن جاء المدينة النبوية قاصداً المسجد النبوي فإنه يشرع له أن يزور قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبر صاحبيه -رضي الله عنهما-، والبقيع، وشهداء أحد، للسلام عليهم، والدعاء لهم، ولتذكر الموت.
أما إذا قصد المدينة لزيارة القبر فقط، أو للدعاء عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ظاناً أن الدعاء عند القبور ترجى إجابته فهذا من البدع المحرمة ولم يكن من هدي السلف -رضي الله عنهم-.
وأما إذا زار قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- للاستغاثة به، ودعائه، وطلب الشفاء منه، فهذا شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام.
2 - القسطلاني والسمهودي من كبار الصوفية، ومن الغلاة في النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد اشتمل كتاباهما على بدع وخرافات، وأحاديث منكرة وموضوعات مكذوبات، مع ما اشتملا عليه من حق.
لكنه حق مخلوط بباطل.
3 - أما الأحاديث التي تحث على زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فكلها مكذوبة وموضوعة كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن عبد الهادي في الصارم المنكي في الرد على السبكي، والشيخ محمد بشير السهسواني في رده على دحلان، والشيخ الآلوسي في رده على النبهاني وغيرهم من العلماء.
وقد استوفيت تلك الأحاديث وبينت بطلانها، وأنها مكذوبة موضوعة في رسالتي الماجستير وهي بعنوان: "الأحاديث الموضوعة المنافية لتوحيد العبادة – جمعاً ودراسة"
يتبع
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[24 - 06 - 02, 07:56 م]ـ
2/ قال [نقل القاضي عياض أن السفر بقصد الزيارة غايته مسجد المدينة لمجاورته القبر الشريف، وقصد الزائر الحلول فيه لتعظيم من حلَّ بتلك البقعة، كما لو كان حيًا، وليس القصد تعظيم بقعَة القبر لعَيْنِها بل من حلَّ فيها.].
الجواب:
كلام القاضي عياض كلام باطل مخالف لما عليه أهل السنة والسلف الصالح.
فإن المسجد النبوي فُضِّلَ بتفضيل الله له، ولأنه أول مسجد أسس على التقوى في المدينة –ومسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى في طرف المدينة-.
وليس فضل المسجد النبوي لأنه مجاور لقبر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسافر للحج والجهاد، ومع ذلك ففضيلة المسجد ومضاعفة الصلاة فيه باقية ولو لم يكن موجوداً بجواره.
فلو صلى إنسان بجوار قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن داخل المسجد فليس لصلاته مزية كمن صلى داخل المسجد، بل يكون مخالفاً للشرع بصلاته بجوار القبر من أجل بركة جوار القبر.
فالفضل للمسجد لا للقبر.
والمسجد الأقصى تضاعف فيه الصلاة وهو بالاتفاق ليس مبنياً على قبر ولا بداخله قبر.
وكذلك المسجد الحرام فإنه على الصحيح لا يحتوي على قبر بخلاف ما ورد من أحاديث موضوعة في ذلك.
والله أعلم.
فتبين بطلان قول القاضي عياض أن بركة البقعة لوجود الجسد الشريف عندها.
زد على ذلك أنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة أن الدعاء بجوار جسد النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته من مظان إجابة الدعوة أو له مزية.
بل لما جاءته المرأة السوداء دعا لها ولم يقل لها ادعي بجواري!!
ولم يكن من فعل الصحابة تحري الدعاء بالقرب من جسد النبي -صلى الله عليه وسلم- حال حياته ولا حال موته.
فجسد النبي -صلى الله عليه وسلم- شريف مبارك، ولكن البقعة التي حوت جسده الشريف لم يرد دليل في بركتها ولا فضلها بل هي تراب كبقية الأرض.
بل تعظيم تلك التربة من الشرك المؤدي إلى الشرك الأكبر الموجب الخلود في النار.
وبركة جسد النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لا تتعدى إلى من يدعو بجواره أو يصلي بجواره بل هذا وهم وظن باطل بل ظن بدعي شركي.
فالمسجد النبوي مبارك وفضيل بتفضيل الله له، فتضاعف فيه الصلاة إلى ألف ضعف، وما بين بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنبره روضة من رياض الجنة، وموطن من مواطن إجابة الدعاء.
والله أعلم.
فإن قال: إن بركة جسد النبي -صلى الله عليه وسلم- تعدت إلى قدحه، وجبته، ونعله ونحو ذلك فلماذا لا يقال بتعديها إلى البقعة التي حوت جسده الشريف؟
فالجواب:
أنا لو قلنا بتعدي بركة جسده -صلى الله عليه وسلم- بعد موته إلى الأشياء لرأيت الصحابة يأتون ليمسحوا خرقهم بجسده قبل أن يوارى قبره، والواقع أن الصحابة -رضي الله عنهم- لم يفعلوا ذلك.
وكذلك مما يبين بطلان ما أوردوه من هذه الشبهة أن جسده -صلى الله عليه وسلم- ليس ملاصقاً للتراب بل بين جسده الشريف وبين التراب كفنه الذي كفن فيه -صلى الله عليه وسلم-.
فالبركة لو تعدت بعد موته -صلى الله عليه وسلم- فإنها تتعدى لكفنه فقط لا للتراب.
والله أعلم.
¥