تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخلص من ذلك إلى أن إثبات الحديث بتعدد الروايات واستفاضتها ليس قاعدة شرعية يقرها المحدثون المتقدمون من أهل السنة،بل تجد أن بعض الأحاديث التي زعم السيوطي – رحمه الله – تواترها لاتثبت صحيحة فضلا عن القول بالتواتر،وقد نص على بطلان كثير منها أئمة فحول،ثم يأتي السيوطي أو بعض المتأخرين ويزعم أنه قد أتى بما لم يأت به الأوائل فيزعم التواتر!! ولايسلّم له بذلك.

وقد يُؤلف في ذلك أجزاء،كمثل حديث السوق أجلب السيوطي بخيله ورجله لإثباته،وألف في طرقه جزءا،ومع ذلك هو عند أهل العلم باطل!

وقد سمعت شيخنا: عبدالله السعد يقول: وقد ذكر السيوطي في الأحاديث المتواترة مالم يثبت أصلا.

بل قد يثبت حديث بطريق واحد،ويجيء بطرق أخرى متكاثرة ولايصح شيء منها،ولايحكم له بالتواتر،كحديث " إنما الأعمال بالنيات " فقد زعم صاحب كتاب: نظم المتناثر تواتره،وذكره عن ثلاثين صحابيا،وليس عند أهل العلم إلا حديثا غريبا،قال ابن المديني: لايصح له طريق إلا طريق عمر،وقال الخطابي: لاأعلم خلافا بين أهل الحديث في ذلك،مع أنك تجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خطب به على المنبر؛ولكن لم يروه عنه إلا عمر خطبةً على المنبر،ولم يروه عنه إلا علقمة،ولم يروه عن علقمة إلى محمد بن إبراهيم التيمي،ولم يروه عن محمد إلا يحيى بن سعيد الأنصاري،ثم رواه عنه الجمع الغفير،وقد زعم أبو إسماعيل الهروي أنه كتبه عن سبع مئة نفر من أصحاب يحيى بن سعيد.

إذن فطريقة أهل السنة والجماعة،ومن سار على منهج السلف أنهم ينظرون في أصح طريق جاء منه هذا الخبر،فإن ثبت به الخبر نظروا في الطريق الثاني فإن كان ثابتا زاده قوة،وإن لم يكن ثابتا نظروا في ضعفه هل ينجبر أم لا؟ فإن كان ينجبر جُبر بالتعدد،وإلا كان باطلا،وهكذا دواليك ..

وإن كان الأول غير ثابت نظروا هل ضعفه ينجبر بغيره بنفس الطريقة كما تقدم،فربما تتكاثر الطرق ولا يزيد تكاثرها الخبر إلا وهنًا،كمثل حديث: " شيبتني هود وأخواتها " لم يكن سبب ضعفه إلا اضطرابه الكائن من تعدد مسانيده!! وهذا يكون بطريقة لايحسنها إلا أهل الحديث،وربما تتكاثر ويدل تكاثرها على اختلاق الخبر،وهذا يتبين بأمور منها: مخالفة الخبر لصريح القرآن،أو مخالفته لما هو أصح منه،أو بقرينة تدل على الاتفاق على الكذب،وقد علق ابن القيم رحمه الله على حديث مَرّة بأنه لو جاء بإسناد كالشمس لما قبلناه!! وقال ابن حجر رحمه الله عن حديث لو جاء هذا بتسعين إسنادا مثل إسناده هذا لم يكن إلا ضعيفا.

إذن لا بد من كون هذه الأسانيد صحيحة أو تقبل الإثبات بالصحة أو بالحسن حتى يحكم بمجموعها للحديث بالتواتر أو بالشهرة الاصطلاحية،فكيف سيقول إذن؟

وقد أحتاج لأن أذكر بأن في تعريف المتواتر لدينا: ... بأن يستحيل في العادة تواطأهم على الكذب ..

فأين ذلك من اختلاقات الرافضة لأمور يجعلونها آية في الثبوت واعتقادها صريح كفر وجنون .. !!؟

وهنا أقف لأذكر بأن المتواتر لدينا شيء غير المستفيض،وهذا أمر يدرسه أيضا (طلبة المدارس) في مبحث: تقسيم الحديث بحسب طرقه!!

ثم إني أريد أن أقول بأن الكذب فيهم شائع منتشر من أول أسلافهم وحتى زمنهم الحاضر،ويكفي أن نستعرض أي كتاب لهم لنرى الأغاليط والأكذوبات التي لو قُدّر لعاقل أن يبتلع جبلا لما أطاق أن يبتلعها،لمخالفتها لأصل العقل،ولاأقول صريحه،ولمخالفتها لأصول الديانات جميعا،فضلا عما يخالف منها العقيدة الإسلامية،وهذا مانع لانعقاد التواتر على مايزعمونه من أخبار سافلة بوجه عام،أفليس عليٌّ عندهم هو (مدبر الأكوان) و (خالق مروان بن الحكم)،وهو (الميزان الذي يزن الأمور في الآخرة)؟

أليسوا يزعمون أن الله عز وجل قال لعليٍّ: بعزتي لأدخلن الجنة من أطاعك وإن عصاني،ولأدخلن النار من عصاك وإن أطاعني؟ أيوجد مصدق لهذا ممن له أدنى مسكة عقل ولو بالأجرة؟؟!!

أليس عليّ عندهم من ِأشار إلى صورة الأسد على الجدار فخُلق منه أسد حقيقي فأكل من آذاه ثم عاد إلى الجدار مرة أخرى!!؟؟

وقد ذكرت هذه النماذج حتى لايُنكِر كذبهم الذي تتواطأ البشرية جميعا على أن نماذجه هذه مناقضة لما يمكن أن يسمى عقلا.

ثم أقول: إذا ثبت ذلك فنقول بأن البشرية تتواطأ على كذبكم فهل تسلّمون لهذا التواطؤ الذي هو أثبت من أي نقل وإسناد حتى لو تكاثرت الطرق؛لكون هذا مشاهدا بعين اليقين،بخلاف ذاك الذي لايعطي إلا علم اليقين؟

فإن سلّم نقَض استدلاله بتواتر رواياتهم،وإن لم يسلم نقضه من جانب نقضه لأصل الاستدلال بـ (التواتر المزعوم)

ثم سنقول لهم هل انتهى الخلاف معكم فلم يبق إلا في هذه الآية: هل المقصود بها علي أم لا؟

فنحن نثبت لعلي رضي الله عنه فضائل أعظم من هذه،بل ننفي عنه ماتظنونه أنتم تكرمة،وهو بضد ذلك كتسميتكم لذي الحليفة بأبيار علي لاعتقادكم بأن عليا قاتل فيها الجن،وهو عندنا بمنزلة أكبر من أن يقاتله الجن أو يثبتوا لقتاله،فضلا عن كون ذلك لم يثبت إسنادا.

ولكنّ الخلاف معكم في أصل الاعتقاد،فنحن نعبد ربا غير الذي تعبدونه كما تزعمون أنتم،بل ويلعن بعض علمائكم رب (السنيين).

وكذلك فإننا نقول: شاع تحريق عليّ رضي الله عنه للسبئية لكونهم اتخذوه إلها من دون الله،وهذا موجود في كتبكم أيضا،فكيف لو شهد ماتزعمونه له مما بعضه لم تثبتوه لرب العالمين،ولو كان هذا مجال مناظرة لهم لذكرت نماذج من ذلك من كتبهم الأصيلة،فهل تقرون بالتحريق أم لا؟ فإن أقررتم وجب تحريقكم بحكمكم،وإن لم تقروا اتهمتم مصادركم بالكذب،وهذا ناقض لأصلكم،وكذلك أبطلتموه من وجه آخر هو رد المتواتر (المستفيض)!!

هذه نتف يسيرة في ذلك أخي كتبتها على عجالة من أمري.

والخلاصة أن القول بعدم النظر إلى أصل الثبوت أمر مخالف للشريعة،بل بسببه حصل اتهام عائشة من نظرائهم حين افتروا عليها واستدلوا بالشيوع!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير