أعلم أن قول عائشة - في هذا الحديث – إنما هو باعتبار علمها , وإلا فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم , فبال قائماً) , وهو مخرج في الإرواء , ولذلك فالصواب جواز البول قاعداً وقائماً , والمهم أمن الرشاش , فبأيهما حصل وجب.
وأما النهي عن البول قائماً , فلم يصح فيه حديث مثل حديث: (لا تبل قائماً) , وقد تكلمت عليه في الأحاديث الضعيفة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 201.
فرائض الوضوء
س) - هل التسمية من فرائض الوضوء؟
قال الالباني رحمه الله:أقوى ما ورد فيها حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لا صلاة لمن لا وضؤ له، ولا وضؤ لمن لم يذكر اسم الله عليه ". له ثلاثة طرق وشواهد كثيرة أشرت إليها في " صحيح سنن أبي داود " (رقم 90)، ولا دليل يقتضي الخروج عن ظاهره إلى القول بأن الأمر فيه للاستحباب فقط، فثبت الوجوب، وهو مذهب الظاهرية، وإسحاق، وإحدى الروايتين عن أحمد، واختاره صديق خان، والشركاني، وهو الحق إن شاء الله تعالى، وراجع له " السيل الجرار " (1/ 76 - 77). انتهى كلام الالباني من تمام المنة.
س) - هل المضمضة والاستنشاق وتخليل اللحية وتخليل الأصابع من سنن الوضوء ام من فرائضه؟
قال الالباني رحمه الله بعد ان رد على السيد سابق في حكمه على استحباب المضمضة والاستنشاق و تخليل اللحية وتخليل الأصابع في الوضوء قال:-
قال الشوكاني في " السيل الجرار " (1/ 81): " أقول: القول بالوجوب هو الحق، لأن الله سبحانه قد أمر في كتابه العزيز بغسل الوجه، ومحل المضمضة والاستنشاق من جملة الوجه. وقد ثبت مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك في كل وضوء، ورواه جميع من روى وضو صلى الله عليه وسلم وبين صفته، فأفاد ذلك أن غسل الوجه المأمور به في القرآن هو مع المضمضة والاستنشاق. وأيضا قد ورد الامر بالاستنشاق والاستنثار في أحاديث صحيحة. . . ". ثم ذكر حديث لقيط بن صبرة.
ثم ذكر-يعني السيد سابق- مثل ذلك في تخليل اللحية (تحت رقم 6)، وهو الصواب، وينبغي أن يقال ذلك في تخليل الأصابع أيضا لثبوت الأمر به عنه صلى الله عليه وسلم. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.
س) - هل يجب تحريك الخاتم عند الوضوء؟
تحريك الخاتم لا بد منه إذا كان ضيقا. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.
س) - مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة؟
قوله صلى الله عليه وسلم (الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ)، يدل على مسألتين من مسائل الفقه , اختلفت أنظار العلماء فيهما:
أما المسألة الأول , فهي أن مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة؟
ذهب إلى الأول الحنابلة , وحجتهم هذا الحديث , فإنه صريح في إلحاقهما بالرأس , وما ذلك إلا لبيان أن حكمهما في المسح كحكم الرأس فيه.
وذهب الجمهور إلى أن مسحهما سنة فقط , كما في (الفقه على المذاهب الأربعة) (1/ 65) , ولم نجد لهم حجة يجوز التمسك بها في مخالفة هذا الحديث إلا قول النووي في (المجموع) (1/ 415): (إنه ضعيف من جميع طرقه).
وإذا علمت أن الأمر ليس كذلك , وأن بعض طرقه صحيح , لم يطلع عليه النووي , وبعضها الآخر صحيح لغيره , استطعت أن تعرف ضعف هذه الحجة , ووجوب التمسك بما دل عليه الحديث من وجوب مسح الأذنين , وأنهما في ذلك كالرأس , وحسبك قدوة في هذا المذهب إمام السنة أبو عبدالله أحمد بن حنبل , وسلفه في ذلك جماعة من الصحابة , وقد عزاه النووي (1/ 413) إلى الأكثرين من السلف.
وأما المسألة الأخرى , فهي: هل يكفي في مسح الأذنين ماء الرأس أم لا بد لذلك من جديد؟ ذهب إلى الأول الأئمة الثلاثة , كما نص في (فيض القدير) للمناوي , فقال في شرح الحديث:
(الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ: لا من الوجه , ولا مستقلتان , يعني فلا حاجة إلى أخذ ماء جديد منفرد لهما غير ماء الرأس في الوضوء , بل يجزئ مسحهما ببلل ماء الرأس , وإلا لكان بياناً للخلقة فقط , والمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يبعث لذلك , وبه قال الأئمة الثلاثة).
وخالف في ذلك الشافعية , فذهبوا إلى أنه يسن تجديد الماء للإذنين ومسحهما على الانفراد , ولا يجب , واحتج النووي لهم بحديث عبدلله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذ لرأسه.
¥