تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد اختص اللَّه جل وعلا عشر ذي الحجة بفضل عظيم، وجعلها من أفضل الأيام وأقسم اللَّه جل وعلا بها في محكم كتابه فقال تعالى: ?وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ? ()، قال ابن عباس ?: هي عشر ذي الحجة وهذا اختيار الإمام الحافظ ابن جرير رحمه اللَّه تعالى.

ورجح هذا القول الحافظ ابن كثير رحمه اللَّه. فقوله تعالى ? وَلَيَالٍ عَشْرٍ ? أي ليالي عشر ذي الحجة، فقد فضل اللَّه جل وعلا لياليها على سائر الليالي وأيامها على سائر الأيام.

وهذا الصحيح من مذاهب أهل العلم، فليالي العشر أفضل الليالي وهي أفضل من ليالي العشر الأواخر من رمضان، وأيام ونهار عشر ذي الحجة أفضل من بقية الأيام.

وهذه المسألة فيها مذاهب لأهل العلم:

المذهب الأول: هو ما ذكرناه آنفاً، وهو الأقرب إلى الصواب فإن أيام عشر ذي الحجة أفضل الأيام وليالي عشر ذي الحجة أفضل الليالي إلا ليلة القدر، فليلة القدر خير من ألف شهر، وهي أفضل الليالي كما هو ظاهر الكتاب والسنة.

المذهب الثاني: بأن نهار عشر ذي الحجة أفضل من نهار العشر الأواخر من رمضان، وليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى.

المذهب الثالث: تفضيل العشر الأواخر من رمضان على العشر الأول من ذي الحجة، والصحيح هو القول الأول بدليل ما جاء في البخاري وأبو داود والترمذي من طريق الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ? أن النبي ? قال: " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ ". يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ:" وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَىْءٍ ". ()، وهذا لفظ أهل السنن، فظاهر هذا الحديث أن عشر ذي الحجة أفضل من العشر الأواخر من رمضان، لقوله ?: " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ ". يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ ". الحديث ..

فظاهر هذا الحديث أن عشر ذي الحجة أفضل من العشر الأواخر من رمضان، لقوله ?: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى اللَّه من هذه الأيام إلا إن العشر الأواخر من رمضان تختص بليلة القدر فليلة القدر أفضل من العشر الأول من ذي الحجة.

الذكر:

قال اللَّه تعالى: ? وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ? () قال الحبر عبد اللَّه بن عباس ?، أي في أيام العشر، وفي قوله تعالى: ? وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ? () قال ابن عباس ?: هي أيام التشريق فيعلم من قوله تعالى: ? وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ? () مشروعية الذكر في هذه العشر.

والذكر يشرع في هذه العشر بإجماع المسلمين, وللمسلم أن يتقرب إلى اللَّه جل وعلا بما شاء وبما أحب من الطاعات والأعمال الصالحة، وهذا هو ظاهر الحديث المتقدم فقوله العمل الصالح فيهن: يشمل كل عمل صالح ويشمل كل قربة من الصدقة، والذكر والصلاة، والصيام، وصلة الأرحام، والجهاد، وغير ذلك من القرب مما خطر ببالك ومما لم يخطر، لأن النبي ? قال: " أحب إلى اللَّه من هذه العشر، فإن الصحابة فهموا العموم فقالوا يا رسول اللَّه ولا الجهاد باعتبار أن الجهاد من أفضل وأحب الأعمال إلى اللَّه جل وعلا: ?إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ? ()، قالوا يا رسول اللَّه ولا الجهاد؟ قال ?: ولا الجهاد، فأقرهم على فهم العموم:

وإن أقر قول غيره جُعل كقوله كذاك فعل قد فعل

وما جرى في عصره ثم أطلع عليه إن أقر فليتبع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير