هذا مجمل ما استدل به من يرون إباحة الغناء مطلقاً 0 والله تعالى أعلم 00
• رد جمهور أهل العلم على أدلة ابن حزم ومن معه:
• الشبهة الأولى:
رد جمهور العلماء على ماذهب إليه ابن حزم من أن حديث محلول بالانقطاع، لأن البخاري لم يصل سنده به، وقد سبق وأن ذكرنا أقوال أهل العلم في الحكم على الحديث بما يثلج صدر كل طالب حق ولا بأس أن نذكر وجوه الاتصال بإختصار، نقلا عن الإمام ابن القيم فيما يلي:
أحدهما: أنالبخاري قد لقي هشام بن عمار وسمع منه، فإذا قال: قال هشام فهو بمنزلة قوله: عن هشام 0
الثاني: أنه لو لم يسمع منه، فهو لم يستجز الجزم به عنه إلا، وقد صح عنه أنه حدث به 0
الثالث: أنه أدخله في كتابه المسمى بالصحيح محتجا به 0
الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم 0 دون صيغة التمريض 0
الخامس: إنا لو أخربنا عن هذا كله صفحاً، فالحديث متصل عند غيره (1) 0
فالحديث صحيح متصل لا يحتمل أى شك، ولعل هذا من أصح الأحاديث التي تدل على حرمة المعازف 0
• الشبهة الثانية:
استدل ابن حزم على جواز الغناء مطلقا بحديث عائشة الذي رواه البخاري ومسلم، قالت رضى الله عنها: " دخل علىَّ رسول الله ? وعندي جاريتان 000 الحديث "0
وقد رد أهل العلم على زعم ابن حزم في فهم الحديث بما يلي:
(1) نقلا عن إغاثة اللهفان، لابن القيم: 1/ 391 بتصرف قليل 0
أن الحديث دليل على ابن حزم وليس له، وذلك لوجوه عدة:
أولها: لم ينكر رسول الله ? على أبي بكر تسمية الغناء مزمار الشيطان (1) 0
ثانيها: قوله ? (إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا) دليل على أن الأصل المنع، فلو كان في غير العيد لوافق نهى أبي بكر محله 0
ثالثها: لولا علم أبي بكر بتحريم الغناء للأحاديث في ذلك، لما تجرأ أبو بكر ? أن يتقدم بين يدي النبي ? وفي بيته بمثل اإنكار الشديد، إلا أن أبا بكر ماكان يعلم أن يوم العيد يجوز فيه الغناء والضرب بالدف 0 فكأن لسان حال النبي ? أن التحريم عام، يستثنى منه يوم العيد بالضوابط التي سنذكرها في المبحث الآتي إن شاء الله 0
رابعها: ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي ? وأصحابه الاجتماع عليه، ولهذا سماه الصِّديق أبو بكر ? مزمور الشيطان (2) 0
خامسها: قول عائشة رضي الله عنها (جاريتان) وقولها (ليستا بمغنيتين) يدل على أن هذه الرخصة كانت في غناء جاريتين صغيرتين، والصغار يرخص لهم مالا يرخص للكبار في باب اللهو واللعب (3) 0
سادسها: وأما أنه ? لم ينكر على الجاريتين فحقُ، ولكن كان ذلك في يوم عيد فلا يشمل غيره 0
قال الحافظ في الفتح، تعليقا على قول الرسول ? " دعهما يا أبابكر000 " 0 فيه تعليل وإيضاح خلاف ماظنه الصديق من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه ? لكونه دخل فوجده مغطىً بثوبه فظنه نائماً فتوجه له الانكار على
(1) رسالة في أحكام الغناء لابن القيم: ص 36 0
(2) رسالة في السماع والرقص للشيخ محمد بن محمد المنبجي: ص 27 0
(3) حكم الإسلام في الموسيقى بالغناء: ص 54 0
ابنته من هذه الأوجه، مستصحبا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو، فبادر إلى إنكار ذلك قياماً عن النبي ? بذلك، مستنداً إلى ماظهر له، فأوضح له النبي ? الحال، وعرَّفه الحكم مقروناً ببيان الحكمة بأنه يوم عيد، أى سرور شرعي، فلا ينكر فيه مثل هذا، كما لاينكر في الأعراس (1) 0
وقال أبو الطيِّب الطبري (2): هذا الحديث حجتنا، لأن أبا بكر سمَّى ذلك مزمور الشيطان، ولم ينكر النبي ? على أبي بكر قوله، وإنما منعه من التغليظ في الإنكار لحُسن رفقته لا سيما في يوم العيد، وقد كانت عائشة رضى الله عنها صغيرة في ذلك الوقت، ولم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء، وقد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه، وقد أخذ العلم عنها " 0
أما حديث ابن عمر الذي احتج به ابن حزم على إباحة الغناء مطلقا0
¥