وكلا اللفظين صحيح ويكون بعضهم رواه بالمعنى.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 323) " [رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح].
# وأما طريق أبي الضحى فقد رواه عنه راويان:
عاصم بن بهدلة وحصين بن عبد الرحمن؛ وعاصم بن أبي النجود وإن كان من رجال الجماعة ولكن لم يرو له الشيخان إلا مقروناً وهو صدوق حسن الحديث، وحصين بن عبد الرحمن السلمي ثقة من رجال الجماعة.
ورواية عاصم بن بهدلة حسنة وهي صحيحة بمتابعة حصين وبرواية الشعبي التي سبق الكلام عليها.
ورواية حصين صحيحة لذاتها.
وقد صحح الحافظ ابن حجر رواية عاصم في فتح الباري (10/ 479) وحسنها الشيخ الألباني -رحمه الله-.
والعجيب أن الجورقاني -رحمه الله- حكم على حديث بن مسعود بهذه الرواية وغيرها بعدم الصحة فقال في الأباطيل (2/ 297): [هذا حديث لا يرجع إلى صحة وليس لإسناده نظام ولا لمتنه قوام.].
وهذا غير صحيح فسند الأثر صحيح ولمعناه توجيه كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
# وأما طريق أبي الأحوص وهو عوف بن مالك الجشمي فهي طريق حسنة لأن مدارها على عاصم بن أبي النجود عنه عن ابن مسعود -رضي الله عنه-.
وقد حسن هذا الطريق الشيخ الألباني -رحمه الله- في الصحيحة (رقم587).
والعجيب أن الجورقاني -رحمه الله- حكم على هذه الحديث بالبطلان!
وهذا لا يصح لما سبق وما يأتي.
وهو حديث له شواهد ذكرها الشيخ الألباني -رحمه الله- في لموضع السابق والشيخ محمد رزق طرهوني في كتابه موسوعة فضائل سور وآيات القرآن (1/ 106 - 109).
تنبيه: رواية الحاكم المرفوعة –وإن لم يكن فيها ما يتعلق بآية الكرسي- فهي رواية باطلة وآفتها شيخ الحاكم أحمد بن يعقوب أو شيخ شيخه عبد الله بن أحمد الدشتكي والصواب الوقف. والله أعلم.
وأما طريق الأعمش عن أبي إسحاق السبيعي عن مسروق فهي رواية صحيحة أيضاً.
## ما يتعلق بمعنى هذا الأثر: ##
# روى البخاري في خلق أفعال العباد (ص/33) عن سفيان بن عيينه أنه قال: [إن كل شيء مخلوق، والقرآن ليس بمخلوق، وكلامه أعظم من خلقه لأنه يقول للشيء: كن فيكون. فلا يكون شيء أعظم مما يكون به الخلق، والقرآن كلام الله].
# وقال الترمذي (5/ 161رقم2884) حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي حدثنا سفيان بن عيينة في تفسير حديث عبد الله بن مسعود قال: (ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي)
قال سفيان: لأن آية الكرسي هو كلام الله، وكلام الله أعظم من خلق الله من السماء والأرض.
# ونقل الذهبي في السير (11/ 245 - 246) عن الإمام أحمد أنه قال –فيما وقع له من مناظرة الجهمية-: [واحتجوا بحديث ابن مسعود: (ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي) فقلت: إنما وقع الخلق على الجنة والنار، والسماء والأرض، ولم يقع على القرآن].
# وقال الذهبي في السير (10/ 578): [قال أبو الحسن عبد الملك الميموني قال رجل لأبي عبد الله: ذهبت إلى خلف البزار أعظه بلغني أنه حدث بحديث عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: (ما خلق الله شيئا أعظم ... ) وذكر الحديث.
فقال أبو عبد الله: ما كان ينبغي له أن يحدث بهذا في هذه الأيام -يريد زمن المحنة-.
والمتن: (ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي).
وقد قال أحمد بن حنبل -لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة-: إن الخلق واقع ها هنا على السماء والأرض وهذه الأشياء، لا على القرآن.
قلت-القائل: الذهبي-: كذا ينبغي للمحدث أن لا يشهر الأحاديث التي يتشبث بظاهرها أعداء السنن من الجهمية وأهل الأهواء، والأحاديث التي فيها صفات لم تثبت.
فإنك لن تحدث قوماً بحديث لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم، فلا تكتم العلم الذي هو علم، ولا تبذله للجهلة الذين يشغبون عليك، أو الذين يفهموم منه ما يضرهم].
وانظر تاريخ الإسلام للذهبي "وفيات221 - 230" (ص/155 - 156).
وأختم هذا البحث بقول جميل وبديع لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
¥