والحسن هذا وثقه يحيى القطان، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائي، والعجلي،وذكره ابن حبان في الثقات،وقال البخاري: لم أخرج حديث الحسن بن عبيد الله لأن عامة حديثه مضطرب،وضعفه الدارقطني، حيث قال لما ذكر حديثاً للحسن خالف فيه الأعمش: " الحسن ليس بالقوي، ولا يقاس بالأعمش" كما في تهذيب التهذيب 2/ 267.
ومما سبق يتبين أن الحديث قد اختلف في إسناده ومتنه كثيراً، وهذا دليل على أن الحديث ضعيف، كما أشار إليه المنذري 3/ 320، وقال الزيلعي في نصب الراية 2/ 157: " وهو ضعيف "، وعلل ضعفه بهذا الاختلاف.
وقد تقدم أن ابن حبان صحح الوجه الذي رواه أبو إسحاق الأشجعي عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحر، عن هنيدة، عن حفصة، وهذا التصحيح متعقب بأن أبا إسحاق لم يرو عنه غير هاشم بن القاسم، ومثل هذا بعيد أن يصحح حديثه إذا انفرد،فكيف وقد وقع فيه هذا الاختلاف في إسناده ومتنه.
ومما يضعف به حديث الباب إضافة إلى ما سبق، أن ما تضمنه من الإخبار عن صيام النبي – صلى الله عليه وسلم - لتسع ذي الحجة، مخالف لما ثبت في صحيح مسلم 2/ 833 ح (1176)، وأبي دواد 2/ 816، باب في فطر العشر ح (2439)، والترمذي 3/ 129، باب ما جاء في صيام العشر ح (756)، ولفظ مسلم عن عائشة رضي الله عنها: " ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - صائماً العشر قط "، ولفظ مسلم الآخر: " أن النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يصم العشر ".
ويضاف إلى ذلك أيضاً: السماع، فليس في شيء منه التصريح بالتحديث سوى رواية أمه عن أم سلمة رضي الله عنها، والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانياً: قال الترمذي 3/ 131 باب ما جاء في العمل في أيام العشر ح (758):
حدثنا أبو بكر بن نافع البصري، حدثنا مسعود بن واصل، عن نهاس بن قهْم، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب،عن أبي هريرة:" ما من أيامٍ أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كلِّ يوم منها بصيام سنة. وقيام كلِّ ليلة منها بقيام ليلة القدر ".
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من حديث مسعود بن واصل،عن النهاس، قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا، وقال: قد روي عن قتادة، عن سعيد بن المسيَّب عن النبي– صلى الله عليه وسلم - مرسلاً شيءً من هذا.
وقد تكلم يحيى بن سيعد في نهاس بن قهم من قبل حفظه.
رواة الإسناد: وأكتفي هنا بترجمة من لهم أثر في الحكم على السند:
1/ مسعود بن واصل: الأزرق، البصري، صاحب السَّابَري، روى عن النهاس بن قهم،وغالب التمار وعنه بسطام بن نافع،وأبو بكر بن نافع.
قال أبو داود: ليس بذاك، وقد استغرب الترمذي حديثه الوحيد في السنن،وقال ابن حبان عنه – لما ذكره في الثقات ـ: ربما أغرب، ونقل الدارقطني أن أبا داود الطيالسي ضعَّفه، ولذا قال الحافظ ابن حجر: "لين الحديث".
ينظر: علل الدارقطني 9/ 200، تهذيب التهذيب 10/ 109، التقريب/528.
2/ نهاس بن قهم: بتشديد الهاء في "نهاس"، وسكونها في (قهم)، القيسي، أبو الخطاب البصري.
اتفقت كلمة الحفاظ على تليينه وتضعيفه وإن اختلفت عباراتهم،حتى قال ابن حبان: كان يروي المناكير عن المشاهير، ويخالف الثقات، لا يجوز الاحتجاج به،ولهذا ذكره الذهبي في الديوان، وقال ابن حجر عنه: "ضعيف".ينظر: تهذيب الكمال 30/ 28، الديوان 2/ 407، التقريب/566.
أما بقية رجاله،وهم قتادة،وابن المسيب،فهم أئمة كبار،وشهرتهم تغني عن نقل توثيقهم.
تخريجه:
*أخرجه ابن ماجه 1/ 551، باب صيام العشر ح (1728)،
والخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 208 من طريق محمد بن مخلد العطار،
كلاهما (ابن ماجه، والعطار) عن عمر بن شبة، عن مسعود بن واصل به بنحوه.
*وأخرجه الترمذي في العلل الكبير ص (120) ح (206) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة،
وعلقه الدارقطني في "العلل" 9/ 200 عن الأعمش عن أبي صالح، كلاهما (أبو سلمة، وأبو صالح) عن أبي هريرة بنحوه، ولفظ أبي سلمة:"ما من أيام أحب إلى الله العمل فيهن من عشر ذي الحجة: التحميد،والتكبير، والتسبيح والتهليل".
الحكم عليه:
¥