تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إسناد أبي داود رجاله ثقات، وهو متصل لولا عنعنة الأعمش، وسيأتي مزيد كلام عنها.

وقد اختلفت أنظار الأئمة في الحكم على هذا الحديث بناءً على استغراب القصة كلها، ولاسيما أن فيها أن صفوان تزوج.

وممن مال إلى إعلال الخبر:

1 – البخاري، كما يشير إلى ذلك صنيعه في " التاريخ الأوسط " 1/ 123، فإنه ذكر أولاً ما جاء من قول صفوان – رضي الله عنه – في قصة الإفك: " فوالذي نفسي بيده،ماكشفت من كنف أثنى قط " قالت – أي عائشة -: قتل بعد ذلك في سبيل

الله " قال البخاري: " هذا في قصة الإفك ثم أتبع ذلك بأن قال: " وقال أبو عوانة، وأبو حمزة،عن الأعمش،عن أبي صالح،عن أبي سعيد: جاءت امرأة صفوان

ابن المعطل، النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقالت: إن صفوان يضربني " ا هـ.

فهو – رحمه الله – يشير إلى هذا التعارض،وأصرح مما ذكره البخاري هنا،ما قاله

الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 317: "وأصرح من ذلك ما جاء في رواية سعيد

ابن أبي هلال، عن هشام بن عروة في قصة الإفك: "إن الرجل الذي قيل فيه ما قيل، لما بلغه الحديث قال: والله ما أصبت امرأة قط حلالاً ولا حراماً ".

ولهذا قال الحافظ في الإصابة 3/ 250: "وقد أورد هذا الإشكال قديماً: البخاري

ومال إلى تضعيف حديث أبي سعيد بذلك ".

2 – البزار: فإنه قال – فيما نقله عنه المنذري نقله في " عون المعبود " 7/ 95، ولم أجده في المطبوع من مختصر السنن للمنذري -:

" هذا الحديث كلامه منكر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وقال: لو ثبت احتمل إنما يكون إنما أمرها بذلك استحباباً، وكان صفوان من خيار أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وإنما نكرة هذا الحديث أن الأعمش لم يقل حدثنا أبو صالح، فأحسب أنه أخذه عن غير ثقة، وأمسك عن ذكر الرجل، فصار الحديث ظاهر إسناده حسن، وكلامه منكر لما فيه، ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يمدح هذا الرجل، ويذكره بخير، وليس للحديث عندي أصل " ا هـ.

وقد تعقبه الحافظ ابن حجر في " الفتح " 8/ 317 ح (4750) بقوله:

" وما أعله به ليس بقادح، لأن ابن سعد صرّ ح في روايته بالتحديث بين الأعمش وأبي صالح " ا هـ.

ولكن لم أقف على إسناد ابن سعد، إذْ لم أجد هذا الحديث في طبقاته المطبوعة ولا الأقسام المتممة له، فهذا التصريح الذي ذكره الحافظ محل نظر، لاحتمال أن يكون رواي التصريح غير ثقة، أو أخطأ فيه، ويحتمل أن يكون الوهم من ابن سعد نفسه،فهو "صدوق فاضل " كما في التقريب (480)،وعليه فتبقى هذا العلة التي ذكرها الإمام البزار قائمة.

3 – الذهبي، فقد قال في "السير" 2/ 549 مصدراً كلامه عن هذه القصة بصيغة

التمريض:"وقد رُوي…ثم ذكر هذا الحديث – ثم قال: فهذا بعيد من حال صفوان أن يكون كذلك، وقد جعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ساقة الجيش، فلعله آخر باسمه "ا هـ.

ثم إنه قوّى احتمال كونه آخر، بالتباين الكبير الذي حكي في وفاته حيث قال:

" قلت: فهذا تباين كثير في تاريخ موته، فالظاهر أنها اثنان، والله أعلم " ا هـ.

وخلاصة كلام هؤلاء الأئمة أن الطعون التي تتوجه إلى القصة ثلاثة:

1 – ما فيها من معارضة ما ثبت الصحيحين من عدم زواج صفوان بن المعطل وأنه قتل بعد ذلك في سبيل الله تعالى، كما قالت عائشة رضي الله عنها، مما يفيد بظاهره عدم زواجه، كما ألمح إليه البخاري.

2 – في الإسناد عنعنة الأعمش.

3 – ما في القصة من وصف صفوان وأهل بيته بثقل النوم المفرط، وأن هذا لا يتوافق مع ما في الصحيحين من جعله على ساقة الجيش، والتي تتطلب يقظة وانتباهاً

كما يشير إليه كلام الذهبي.

وقد خالف هؤلاء جماعة فصححوا الخبر، ومنهم: ابن حبان،والحاكم، والحافظ ابن حجر – والذي دافع عن علله وانتصر لتصحيحه – وهو ظاهر صنيع الطحاوي في

" شرح المشكل " 5/ 286، فإنه بدأ يجيب عما فيه من إشكالات من غير نقد له، وهو ايضاً ظاهر كلام الخطابي في " المعالم " 3/ 337.

وخلاصة دفاع الحافظ ابن حجر في الفتح 8/ 317 عن الحديث يمكن أن يلخص في النقاط الآتية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير