تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا الحديث ظاهر إسناده الصحة، فرجاله ثقات، وقد صححه ابن حبان، والحاكم، وصححه ابن حجر في الإصابة 2/ 191، والساعاتي في الفتح الرباني 16/ 231، والألباني في السلسلة الصحيحة 5/ 204 وفي الإرواء 7/ 65، وهو ظاهر صنيع ابن القيم؛ فإنه قد ناقش قول بعض من ضعفه، كما في تهذيب السنن 3/ 336 وإعلام الموقعين 4/ 317، إلا أن بعض الأئمة أعله بعدة علل، وهذا سردها، مع نقل كلام من ناقشها:

العلَّة الأولى: معارضته لحديث الإفك الوارد في صحيح البخاري ح4757، وفيه أن صفوان رضي الله عنه لما بلغه أمر الإفك قال: ((سبحان الله! ما كشفت كَنَفَ [1] أنثى قط))، وفي هذا الحديث إثبات زواجه، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الإصابة 2/ 191: ((ولكن يشكل عليه - يعني حديث زواج صفوان الذي معنا - أن عائشة قالت في حديث الإفك: إن صفوان قال: والله ما كشفت كنف أنثى قط، وقد أورد هذا الإشكالَ قديماً البخاري، ومال إلى تضعيف حديث أبي سعيد بذلك).

ولعل الحافظ يشير إلى كلام الإمام البخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 123؛ إذ قال: ((حدثني الأويسي، ثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، قال عروة: قالت عائشة: والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل - تعنى صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني - ليقول: سبحان الله! فوالذي نفسي بيده ما كشفت من كنف أنثى قط، قالت: ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله، هذا في قصة الإفك.

وقال أبو عوانة، وأبو حمزة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، جاءت امرأة صفوان بن المعطل النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن صفوان يضربني)).

وقد أجاب من صحح الحديث عن هذا الإشكال بما يلي:

- قال ابن القيم في "تهذيب السنن" 3/ 336: ((قال غير المنذري: ويدل على أن الحديث وَهْمٌ لا أصل له: أن في حديث الإفك المتفق على صحته: قالت عائشة: (وإن الرجل الذي قيل له ما قيل، ليقول: سبحان الله! فوالذي نفسي بيده ما كشفت عن كنف أنثى قط ... ) وفي هذا نظر، فلعله تزوج بعد ذلك))، وقال نحوه في "إعلام الموقعين" 4/ 317.

- وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 8/ 462: ((والجمع بينه - يعني قول صفوان: والله ما كشفت كنف أنثى قط - وبين حديث أبي سعيد - على ما ذكر القرطبي - أن مراده بقوله: ما كشفت كنف أنثى قط؛ أي بزنا، قلت: وفيه نظر؛ لأن في رواية سعيد بن أبي هلال، عن هشام بن عروة، في قصة الإفك، أن الرجل الذي قيل فيه ما قيل، لما بلغه الحديث، قال: (والله ما أصبت امرأة قط حلالاً ولا حراماً)، وفي حديث ابن عباس عند الطبراني: (وكان لا يقرب النساء)،فالذي يظهر أن مراده بالنفي المذكور ما قبل هذه القصة، ولا مانع أن يتزوج بعد ذلك، فهذا الجمع لا اعتراض عليه، إلا بما جاء عن ابن إسحاق أنه كان حصوراً، لكنه لم يثبت، فلا يعارض الحديث الصحيح)).

خلاصة كلام هذين الحافظين: أنه بالإمكان الجمع بين هذين الحديثين: بأن صفوان في حادثة الإفك، لم يتزوج، ثم تزوج بعد، وكلامهما وجيه من حيث النظر؛ فإن حادثة الإفك وقعت بعد قفوله صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق، وكانت سنة خمس، فيجوز أن يكون صفوان قد تزوج بعدها، وليس في حديث الإفك ما يمنع، وقول صفوان: ((ما كشفت كنف أنثى قط)) أتى بصيغة الماضي، وما جاء عن ابن إسحاق أنه كان حصوراً، لم يثبته الحافظ، فالذي يظهر - والله أعلم - أن هذا ليس علة الحديث.

الثانية: أن الأعمش موصوفٌ بالتدليس، وقد عنعن هنا، وممن وصفه بالتدليس من الأئمة:

1 - ابن معين، نقله عنه ابن عبد البر في التمهيد 1/ 31.

2 - النسائي، في كتابه: ذكر المدلسين ص125.

3 - أبو الفتح الأزدي، كما في الكفاية للخطيب ص400، فإنه قال: ((نحن نقبل تدليس ابن عيينة ونظرائه؛ لأنه يحيل على مليء ثقة، ولا نقبل من الأعمش تدليسه؛ لأنه يحيل على غير مليء، والأعمش إذا سألته عمن هذا؟ قال: عن موسى بن طريف، وعباية بن ربعي .... ).

4، 5 - الكرابيسي، والدارقطني، ذكره عنهما الحافظ ابن حجر في تعريف أهل التقديس ص118.

6 - ابن حبان، في كتابه الثقات 4/ 204.

7 - الذهبي، في الميزان 2/ 224 فإنه قال: (( ... وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدري به، فمتى قال: حدثنا، فلا كلام، ومتى قال: (عن) تطرق إليه احتمال التدليس .. )).

8 - الحافظ ابن حجر، في التقريب رقم 2615.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير