تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى أي حال فالحديث منقطع لأن إبراهيم التيمي كما قال الإمام أبو الحسن الدارقطني رحمه الله (29) لم يسمع من عائشة ولا من حفصة ولا أدرك زمانهما.

إذا عرفت أن الصحيح ما رواه الثوري فاعلم أنه اختلف على الثوري فيه، فرواه أكثر أصحابه مرسلا ووصله البعض. رواه يحيى بن سعيد (30) وعبد الرحمن بن مهدي (31) و وكيع (32) والفريابي (33) كما أشار إليه أبو داود ولم أقف عليه، وعبد الرزاق (34) وغندر محمد بن جعفر وأبو عاصم النبيل (35) وقبيصة (36) جميعا رووه مرسلا بألفاظ متقاربة، قالوا حدثنا سفيان عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة رضي الله تعالى عنها، وخالفهم معاوية بن هشام فيما حدث عنه عثمان بن أبي شيبة (37) فوصل إسناده، قال حدثنا سفيان الثوري عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها، واختلف على عثمان بن أبي شيبة في لفظه كما قال أبو الحسن الدارقطني رحمه الله تعالى (38) فقال عثمان بن أبي شيبة بنفس الإسناد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم.

قال أبو الحسن رحمه الله تعالى: وقال غير عثمان بالإسناد نفسه عن معاوية بن هشام يبلغ به عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل ولا يتوضأ، ولم أقف عليه والله تعالى أعلم.

قلت وبالله التوفيق:

الخلاصة في هذا الحديث أنه ضعيف لانقطاعه بين التيمي وعائشة رضي الله تعالى عنها، وأما من وصله فتبين ولله الحمد أنه واهم، وهو أضعف من أن يحكم له مع هذه الجبال الراسيات، وفي علل الترمذي لابن رجب رحمه الله تعالى (39) سأل ابن معين رحمه الله تعالى عن أصحاب الثوري أيهم أثبت؟ قال هم خمسة يحيى و وكيع وابن المبارك وابن مهدي وأبو نعيم الفضل بن دكين ...... قال وأما الفريابي فدونهم ..... ولما سئل عن معاوية بن هشام قال: صالح وليس بذاك. والله تعالى أعلم.

ثالثا: حديث زينب السهمية عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يقبل ويصلي ولا يتوضأ. روي بألفاظ متقاربة كلفظ الأصل.

قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم رحمه الله تعالى (40) سمعت أبي وأبا زرعة في حديث حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ ويقبل ويصلي ولا يتوضأ، فقالا الحجاج يدلس في حديثه عن الضعفاء ولا يحتج بحديثه.

قلت: و زينب السهمية هي بنت محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عمة عمرو بن شعيب، لا يعرف لها غير هذا الحديث، تفرد به عنها ابن أخيها عمرو بن شعيب، وعن عمرو بن شعيب رواه حجاج بن أرطاة (41) والأوزاعي (42).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى (43) روى عنها أخوها وابن أختها، ثم قال: وذكرها ابن حبان رحمه الله في الثقات.

قلت: لم أقف على رواية أخيها عنها، وقوله ابن أختها غير صواب والصحيح ابن أخيها ولعله خطأ نسخ أو سبق قلم، أما قوله ذكرها ابن حبان رحمه الله في الثقات فلم أجده، ولعل نسخة الثقات التي عمل عليها الحافظ رحمه الله تعالى غير النسخة التي بين يدينا والله تعالى أعلم.

والصحيح أنها مجهولة قال الإمام أبو الحسن الدارقطني رحمه الله (44) مجهولة لا تقوم بها الحجة، وقال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله (45) لا تعرف.

قلت: ومن كان هذا حاله فحري أن لا يحتج به فإن الأحاديث تثبت بالثقات المشاهير الذين ارتفع اسم الجهالة عنهم لا بمثل من ذكرنا، قال الإمام أبو الحسن الدارقطني رحمه الله تعالى (46) عند تعليل حديث خشف بن مالك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في دية الخطأ: و وجه آخر وهو أن الخبر المرفوع الذي فيه ذكر بني المخاض لا نعلمه رواه إلا خشف بن مالك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو رجل مجهول ولم يروه عنه إلا زيد بن جبير بن حرمل الجشمي وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان رواته عدلا مشهورا، أو رجل قد ارتفع اسم الجهالة عنه، وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعدا، فإذا كان هذه صفته ارتفع عنه اسم الجهالة وصار حينئذ معروفا، فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد انفرد بخبر وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير