تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولنذكر على سبيل المثال، أنه فى تقريره بطلان حديث ((نعم المذكر السبحة)) فى ((سلسلته الضعيفة)) (1/ 112)، ذكر ما نصه: ((أنه مخالف لأمره صلَّى الله عليه وسلَّم، حيث قال لبعض النسوة ((عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس، ولا تغفلن فتنسين التوحيد، واعقدن بالأنامل، فإنهن مسئولات ومستنطقات)). وهو حديث حسن، أخرجه أبو داود وغيره، وصحَّحه الحاكم والذهبى، وحسَّنه النووى والعسقلانى)) اهـ.

وأقول: فالشيخ ـ طيَّب الله ثراه ـ هاهنا يعتمد تصحيح الحاكم والنووى والذهبى والعسقلانى، وجميعهم معتمدون فى ذلك على تصحيح ابن حبان وحده، الذى لا يعتمد الشيخ توثيقه ولا يرضاه، ويقلده عليه أكثر فضلاء الوقت ورفعاؤه!!.

وذلك أن راوية الحديث: حميضة بنت ياسر مجهولة لم يرو عنها غير ابنها هانئ بن عثمان، ولم يوثقها غير ابن حبان. وقال ابن حجر فى ((تقريب التهذيب)) (1/ 746/8570): ((حميضة بنت ياسر. مقبولة من الرابعة)).

وقد أخرج حديثها ابن أبى شيبة (2/ 160/7656 و6/ 53/29414 و7/ 168/35038)، وأحمد (6/ 370)، وإسحاق بن راهويه (1/ 199:198)، وابن سعد ((الطبقات الكبرى)) (8/ 310)، والدورى ((تاريخ يحيى بن معين)) (3/ 51)، وعبد بن حميد ((المنتخب)) (1570)، وأبو داود (1501)، والترمذى (3583)، وابن أبى عاصم ((الآحاد والمثانى)) (6/ 73/3285)، وابن حبان كما فى ((موارد الظمآن)) (2333)، والطبرانى ((الكبير)) (25/ 74/180) و ((الأوسط)) (5/ 182/5016)، والحاكم (1/ 547)، وأبو نعيم ((الحلية)) (2/ 68)، والرافعى ((التدوين فى أخبار قزوين)) (3/ 52)، والمزى ((تهذيب الكمال)) (30/ 141) جميعا من طريق هانئ بن عثمان عن أمه حميضة بنت ياسر عن جدتها يسيرة وكانت من المهاجرات قالت: قال لنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يا نساء المؤمنات! عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس، ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل، فإنَّهن مسؤلات مستنطقات)).

والحديث صحَّحه ابن حبان والحاكم، وأقرهما الذهبى والنووى وابن حجر، كما أقره الألبانى.

قلت: وفى إسناده حميضة بنت ياسر، أحدى المجهولات اللاتى تفرد ابن حبان بتوثيقهن، وقال عنها ابن حجر: ((مقبولة))!. فسبيلها فى قبول حديثها كسبيل حُكيمة لا يفترقان فى شئٍ البتة، كلتاهما تابعية لم يوثقها غير ابن حبان، وقال عنهما ابن حجر: ((مقبولة))، فكيف فرَّق بينهما الشيخ الألبانى، فحسَّن حديث حميضة وضعَّف حديث حُكيمة؟!. أليس هذا من الاعتداد بقول أئمة الجرح والتعديل، ومنهم الإمام العلم أبى حاتم ابن حبان، فى موضع ونقضه فى موضع آخر؟!.

على أن ثمَّة أمرٍ آخر زائدٍ فى حديث حميضة، الذى تلقاه الألبانى بالقبول وحسَّنه، أن فى إسناده هانئ بن عثمان الجهنى وقد تفرد عن أمِّه حميضة، ولم يوثقه إلا الإمام العلم الجهبذ ابن حبان، ولهذا قال ابن حجر فى ((التقريب)) عنه: ((مقبول))!. فلماذا اعتمده الألبانى، وتناسى ما يكثر أن يعلل به تضعيف أحاديث المجاهيل بقوله: ((توثيق ابن حبان لا يعُتمد، لأنه متساهل فى التوثيق))!.

وعندى أن الحكم على الحديثين ـ حديث حُكيمة وحديث حُميضة ـ واحد، كلاهما صحيح، ولا يضر راويتهما تفرد ابن حبان بتوثيقهما، عملاً بالمذهب الراجح أن تزكية المزكى الواحد تكفى فى تعديل الراوى المجهول، كما ذكره إمام المحدثين فى ((صحيحه)) (2/ 106. سندى): باب: إذا زكَّى رجلٌ رجلاً كفاه.

ولنذكر مثالاً آخر، أنه قال فى ((صحيحته)) (رقم307) ما نصه:

((حديث ((تنكح المرأة على أحدى خصال ثلاثة، تنكح المرأة على مالها، وتنكح المرأة على جمالها، وتنكح المرأة على دينها. فخذ بذات الدين والخلق، تربت يمينك)). أخرجه ابن حبان فى ((صحيحه)) (1231)، والحاكم (2/ 161)، وأحمد (3/ 80) من طريق سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته عن أبى سعيد الخدرى مرفوعاً به.

وقال الحاكم: ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير