قال الدارقطني كما في شرح العلل لابن رجب: (معمر سيئ الحفظ لحديث قتادة و الأعمش).
و في الجملة فحديث معمر عن البصريين فيه اضطراب كما جزم به النقاد يراجع شرح العلل لابن رجب و غيره.
قال الإمام أحمد: (حديث عبد الرزاق عن معمر أحب إلي من حديث هؤلاء البصريين وكان معمر يتعاهد كتبه وينظر فيها يعني باليمن وكان يحدثهم حفظاً بالبصرة). كما في بحر الدم (269) و تهذيب الكمال (18/ 57).
- ثم و هو الأقوى، ماذا يزن هذا المعضل أمام تلك الروايات الصحيحة عن الجمع من الصحابة رضوان الله عليهم؟
2 - مرسل أبي العالية:
أخرج الطبري في تفسيره (17/ 188): (حدثنا ابن عبد الأعلى قال ثنا المعتمر قال سمعت داود عن أبي العالية قال قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جلساؤك عبد بني فلان ومولى بني فلان فلو ذكرت آلهتنا بشيء جالسناك فإنه يأتيك أشراف العرب فإذا رأوا جلساءك أشراف قومك كان أرغب لهم فيك قال فألقى الشيطان في أمنيته فنزلت هذه الآية أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى قال فأجرى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترجى مثلهن لا ينسى قال فسجد النبي صلى الله عليه وسلم حين قرأها وسجد معه المسلمون والمشركون فلما علم الذي أجري على لسانه كبر ذلك عليه فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته إلى قوله والله عليم حكيم.
حدثنا ابن المثنى قال ثنا أبو الوليد قال ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن أبي العالية قال قالت قريش يا محمد إنما يجالسك الفقراء والمساكين وضعفاء الناس فلو ذكرت آلهتنا بخير لجالسناك فإن الناس يأتونك من الآفاق فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلما انتهى على هذه الآية أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فألقى الشيطان على لسانه وهي الغرانقة العلى وشفاعتهن ترتجى. فلما فرغ منها سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون والمشركون إلا أبا أحيحة سعيد بن العاص أخذ كفا من تراب وسجد عليه وقال قد آن لابن أبي كبشة أن يذكر آلهتنا بخير حتى بلغ الذين بالحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين أن قريشا قد أسلمت فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ألقى الشيطان على لسانه فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلى آخر الآية).
قلت: و هذا مرسل. و مراسيل أبي العالية الرياحي كالريح كما قال النقاد، ليست بشيء، فلا حجة فيها.
و كيف يقابل مثل هذا المرسل (و هو من أقسام الضعيف) مع هذه النكارة الظاهرة، بالروايات الصحيحة الموصولة عن ذلكم الجمع من الصحابة رضوان الله عليهم.
3 - مرسل أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث:
أخرج الطبري في تفسيره (17/ 189): (حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب أنه سئل عن قوله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الآية قال ابن شهاب ثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قرأ عليهم والنجم إذا هوى فلما بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى قال إن شفاعتهن ترتجى وسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه المشركون الذين في قلوبهم مرض فسلموا عليه وفرحوا بذلك فقال لهم إنما ذلك من الشيطان فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي حتى بلغ فينسخ الله ما يلقي الشيطان).
قلت: ظاهر السند صحيح إلى أبي بكر بن عبد الرحمن لكنه مع إرساله منكر.
ذلك أن ابن إسحاق أخرج في المغازي (مع سيرة ابن هشام) من طريق الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أم سلمة رضي الله عنها (هكذا بسند موصول صحيح) قصة خروج المسلمين إلى الحبشة و لم يذكر فيها تلكم الرواية المنكرة.
و هي أطول رواية وردت في خروج المسلمين إلى الحبشة، فلم يرد في شيء منها قصة الغرانيق تلك.
و هو مع ذلك موافق لما أخرجه الزهري عن عروة عن أم سلمة رضي الله عنها.
راجع القصة بطولها في السيرة لابن هشام (2/ 177) و دلائل النبوة للبيهقي (2/ 301) و دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني (247) من طريق ابن إسحاق و السند صحيح بحمد الله تعالى.
¥