تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بن مظعون وأصحابه فيمن رجع، فلم يستطيعوا أن يدخلوا مكة حتى بلغهم شدة المشركين على المسلمين إلا بجوار، فأجار الوليد بن المغيرة عثمان بن مظعون، فلما رأى عثمان الذي يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من البلاء، وعذب طائفة منهم بالنار والسياط، وعثمان معافى لا يعرض له، استحب البلاء على العافية فقال: أما من كان في عهد الله عز وجل وذمته وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اختار الله لأوليائه من أهل الإسلام فهو مبتلى، ومن دخل فيه فهو خائف، وأما من كان في عهد الشيطان وأوليائه من الناس فهو معافى، فعهد إلى الوليد بن المغيرة فقال: يا عم، قد أجرتني وأحسنت إلي، فأنا أحب أن تخرجني إلى عشيرتك فتبرأ مني بين ظهرانيهم، فقال الوليد: يا ابن أخي، لعل أحدا من قومك آذاك أو شتمك وأنت في ذمتي فأكفيك ذاك قال: لا والله، ما اعترض لي أحد ولا آذاني، فلما أبى إلا أن يبرأ منه الوليد، أخرجه إلى المسجد وقريش فيه كأحفل ما كانوا، ولبيد بن ربيعة الشاعر ينشدهم فأخذ الوليد بيد عثمان فأتى به قريشا فقال: إن هذا قد غلبني وحملني على أن أتبرأ من جواره، وإني أشهدكم أني بريء منه إلا أن يشاء، فقال عثمان: صدق، أنا والله أكرهته على ذلك، وهو مني بريء، ثم جلسا مع القوم ولبيد ينشدهم فقال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل فقال عثمان: صدقت، ثم أتم لبيد البيت فقال: وكل نعيم لا محالة زائل فقال عثمان: كذبت، فأسكت القوم، ولم يدروا ما أراد بكلمته، ثم أعادوها الثانية وأمروه بذلك فقال عثمان حين أعادها مثل كلمتيه الأوليين صدقه مرة وكذبه مرة، وإذا ذكر ما خلا الله باطل صدقه، وإذا ذكر: كل نعيم لا محالة زائل كذبه، لأن نعيم الجنة لا يزول، فنزل عند ذلك رجل من قريش، فلطم عين عثمان بن مظعون رضي الله عنه فاخضرت. فقال الوليد بن المغيرة وأصحابه: قد كنت في ذمة مانعة ممنوعة فخرجت منها، وكنت عن الذي لقيت غنيا. فقال عثمان: بل كنت إلى الذي لقيت منكم فقيرا، وعيني التي لم تلطم إلى مثل ما لقيت صاحبتها فقيرة، ولي فيمن هو أحب إلي منكم أسوة، فقال الوليد بن المغيرة: إن شئت أجرتك الثانية، فقال عثمان بن مظعون: لا أرب لي في جوارك. وخرج جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في رهط من المسلمين عند ذلك فرارا بدينهم أن يفتنوا عنه إلى أرض الحبشة، وبعثت قريش عمرو بن العاص، وعمارة بن الوليد بن المغيرة، وأمروهما أن يسرعا السير، ففعلا وأهدوا للنجاشي فرسا، وجبة ديباج، وأهدوا لعظماء الحبشة هدايا، فلما قدما على النجاشي قبل هداياهم، وأجلس عمرو بن العاص على سريره، فقال عمرو: إن بأرضك رجالا منا سفهاء ليسوا على دينكم ولا على ديننا، فادفعهم إلينا، فقالت عظماء الحبشة للنجاشي: أجل فادفعهم إليهم، فقال النجاشي: لا والله، لا أدفعهم إليهم حتى أكلمهم وأعلم على أي شيء هم. فقال عمرو بن العاص: هم أصحاب الرجل الذي خرج فينا، وسنخبرك بما نعرف من سفههم وخلافهم الحق، أنهم لا يشهدون أن عيسى ابن الله، ولا يسجدون لك إذا دخلوا عليك كما يفعل من أتاك في سلطانك. فأرسل النجاشي إلى جعفر وأصحابه، وأجلس النجاشي عمرو بن العاص على سريره فلم يسجد له جعفر ولا أصحابه، وحيوه بالسلام، فقال عمرو وعمارة: ألم نخبرك خبر القوم والذي يراد بك؟ فقال النجاشي: ألا تحدثوني أيها الرهط، ما لكم لا تحيوني كما يحييني من أتاني من قومكم وأهل بلادكم وآخرون؟ وأخبروني: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟ وما دينكم: أنصارى أنتم؟ قالوا: لا، قال: أفيهود أنتم؟ قالوا: لا، قال: فعلى دين قومكم؟ قالوا: لا. قال: فما دينكم؟ قالوا: الإسلام. قال: وما الإسلام؟ قالوا: نعبد الله وحده لا شريك له ولا نشرك به شيئا. قال: من جاءكم بهذا؟ قالوا: جاءنا به رجل من أنفسنا قد عرفنا وجهه ونسبه، بعثه الله إلينا كما بعث الرسل إلى من قبلنا، فأمرنا بالبر والصدق والوفاء وأداء الأمانة، ونهانا أن نعبد الأوثان، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به، فصدقناه، وعرفنا كلام الله تعالى، وعلمنا أن الذي جاء به من عند الله، فلما فعلنا ذلك عادانا قومنا وعادوا النبي صلى الله عليه وسلم الصادق، وكذبوه، وأرادوا قتله، وأرادونا على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير