يبدأ المؤلف كتابه هذا بنقله عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قوله: ((اتَّبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفِيْتُم))، وقول سعيد بن جُبير رحمه الله: ((قد أحسن مَن انتهى إلى ما سَمِعَ)) ثم يكتب شكرًا وتقديرًا لأستاذه: الدكتور شعبان محمد إسماعيل رئيس قسم الشريعة بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية على تفضُّلِه بالاطلاع على الرسالة والإشادة بها، ولم يسعفه الوقت للتقديم لها لسفره، ثم يتقدم بالشكر والعرفان للشيخ وحيد بن عبد السلام بالي على ما بذله من جهد ووقتٍ وملاحظات وتقديمه للرسالة، وبعد التقديم والمقدمة يبدأ رسالته هذه بفصل في وجوب اتباع القرآن والسنة والنهي عن الابتداع ويذكر بعض أدلة ذلك من الكتاب والسنة، ثم يضع فصلاً في حال الصحابة رضي الله عنهم مع نصوص الشريعة، فيذكر فيه أمثلةً من استجابتهم لأحكام وأوامر الشريعة فور العِلْم بها، ثم يضع فصلاً في النهي عن البدع، يُتْبِعه بفصلٍ في نقض شُبَه المبتدعة، ويعتبر هذه الفصول تقدمة ضرورية لرسالته، لأن أغلب الناس لا يستجيب للشريعة لغلبة البدع والشبهات، ثم يدلف إلى حكم قراءة القرآن عند القبور (ص/39) وحكم إهداء ثواب القرآن للميت (ص/61) وما ينفع الميت بعد موته (ص/66) وتنتهي الرسالة بالفهرس وهي عبارة عن (78) ورقة.
وملخص ما ذكره في شأن قراءة القرآن عند القبور قوله ما نصه: نقول بعون الله مبتدئين بتوفيق الله: إنه قد وردت بعض الروايات التي تبيح القراءة على المقابر، ولا يثبت منها شيء، بل سُئل الإمام أحمد رحمه الله عن القراءة عند القبر؟ ـ كما سيأتي ـ فقال: ((ما أحفظ فيه شيئًا))؛ أي: أنه لا يحفظ فيه شيئًا ثابتًا صالحًا للحجية، لكون الأحكام لا تبنى إلا على الثابت، وإلا فقد أخرج الإمام أحمد رحمه الله بعض هذه الروايات في مسنده.
انتهى كلامه.
ثم أورد الروايات الواردة في الباب مُتْبِعًا لها بالكلام على أسانيدها؛ كالتالي:
ـ عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من زار قبر والديه أو أحدهما يوم الجمعة فقرأ يس غُفِرَ له)).
وعزاه المؤلف لابن عدي وجماعة، وأنكره، ونقل إنكار ابن عدي وغيره للحديث، وكذا حكم ابن الجوزي والألباني عليه بالوضع، وتكلم على معنى قول ابن عدي: باطل. وأن هذا الإطلاق ربما وقع عندهم على الحديث الكذب أو الموضوع، وقد يُقصد بها غير ذلك بقرينة.
ـ وعن أبي أمامة في قصة دفن أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم لآية من سورة طه (55) الحديث.
وقال المؤلف: ((ضعيف جدًا موضوع: رواه عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم عن أبي أمامة)).
ثم عزاه المؤلف لأحمد وغيره ونقل قول الذهبي في تلخيص المستدرك: ((لم يتكلم عليه وهو خبر واه؛ لأن علي بن يزيد متروك)).
وتكلم على رواته، ونقل قول الألباني: ضعيف جدًا بل موضوع في نقد ابن حبان.
ـ حديث ابن عمر الذي فيه: واقرأ عند رأسي بفاتحة الكتاب وأول البقرة وخاتمتها فإني سمعتُ ابن عمر يقول ذلك.
وتوصل إلى نكارة متنه، واختلاف ألفاظه وأورد ذلك من غير وجهٍ، وقال المؤلف ما نصه: ((وعلى كلٍّ فالحديث رُوِيَ موقوفًا ومرفوعًا والظاهر أن هذا الاختلاف في الوقف والرفع من هذا المجهول عبد الرحمن بن العلاء .... )).
ـ حديث علي بن أبي طالب مرفوعًا: ((من مر بالمقابر فقرأ: {قل هو الله أحد} إحدى عشرة مرة)) ... الحديث.
ذكره المؤلف بنصه وخرجه، ونقل حكم الألباني وغيره عليه بالوضع.
وهو مروي من نسخة علي الرضا ونقل المؤلف قول الذهبي في الميزان: ((عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه بتلك النسخة الموضوعة الباطلة ...... )) إلخ.
ـ وعن علي بن أبي طالب مرفوعًا أيضًا: ((ما من مؤمن ولا مؤمنة يقرأ آية الكرسي ويجعل ثوابها لأهل القبور .... )) الحديث.
ذكره المؤلف وبيَّن وضعه، وفي إسناده الأشج المكذب، ونقل المؤلف تكذيبه عن الذهبي.
وقال المؤلف أيضًا: ((على أن هذا الحديث ليس صريحًا في قراءة القرآن على المقابر، لكنه صريح في جواز إهداء قراءة القرآن للأموات، وسيأتي أن الحق بخلاف ذلك)).
¥