تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا وإذا كانت حجج السنة بينة فالمخالف لها لا يكون إلا معاندا أو متبعا للهوى معرضا عن حجج الحق وأتباع الهوى والإعراض عن حجج الحق قد يفحش جدا حتى لا يحتمل أن يعذر صاحبه فإن لم يجزم أهل العلم بعدم العذر فعلى? الأقل لا يمكنهم تعديل الرجل وهذه حال الداعية الذي الكلام فيه فإنه لولا أنه معاند أو منقاد لهواه انقيادا فاحشا معرض عن حجج الحق إعراضًا شديدًا لكان أقل أحواله أن يحمله النظر في الحق على الارتياب في بدعته فيحاف أن كان متدينا أن يكون على ضلالة ويرجو أنه كان على ضلالة فعسى الله تبارك وتعالى أن يعذره فإذا التفت إلى أهل السنة علم أنهم إن لم يكونوا أولى? بالحق منه فالأمر الذي لا ريب فيه أنهم أولى بالعذر منه وأحق إن كانوا على خطا أن لا يضرهم ذلك لأنهم إنما يتبعون الكتاب والسنة ويحرصون على إتباع سبيل المؤمنين ولزوم صراط المنعم عليهم: النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه وخيار السلف فيقول في نفسه: هب أنهم على باطل فلم يأتهم من إتباع الهوى وتتبع السبل الخارجة. ولا ريب أن من كانت هذه حالة فإنه لا يكفر أهل السنة ولا يضللهم ولا يحرص على إدخالهم في رأيه بل يشغله الخوف على نفسه فلا يكون داعية.

فأما غير الداعية فقد مر نقل الإجماع على أنه كالسني، إذا ثبتت عدالته روايته، وثبت عن مالك ما يوافق ذلك، وقيل عن مالك أنه لا يروي عنه أيضاً، والعمل على الأول. وذهب بعضهم إلى أنه لا يروي عنه إلا عند الحاجة، وهذا أمر مصلحي لا ينافي قيام الحجة بروايته بعد ثبوت عدالته. وحكى بعضهم أنه إذا روى ما فيه تقوية لبدعته لم يؤخذ عنه، ولا ريب أن ذلك المروي إذا حكم أهل العلم ببطلانه فلا حاجة إلى روايته إلا لبيان حاله، ثم إن اقتضى جرح صاحبه بأن ترجح أنه تعمد الكذب أو أنه متهم بالكذب عند أئمة الحديث سقط صاحبه البتة فلا يؤخذ عنه ذاك ولا غيره، وإذا ترجح أنه أنما أخطأ فلا وجه لمؤاخذته بالخطأ، وإن ترجح صحة ذلك المروي فلا وجه لعدم أخذه، نعم قد تدعو المصلحة إلى عدم روايته حيث يخشى أن يغير بعض السامعين بظاهرة فيقع في البدعة، قرأت في جزء قديم من (ثقات العجلي) ما لفظه «موسى الجهني قال جاءني عمرو بن قيس الملائي وسفيان الثوري فقال: لا تحدث بهذا الحديث بالكوفة أن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال لعلي «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» كان في الكوفة جماعة يغلون بالتشيع ويدعون إلى الغلو فكره عمرو بن قيس وسفيان أن يسمعوا هذا الحديث فيحملوه على ما يوافق غلوهم فيشتد شرهم.

وقد يمنع العالم طلبة الحديث عن أخذ مثل هذا الحديث لعلمه إنهم أخذوه ربما رووه حيث لا ينبغي أن يروي، لكن هذا لا يختص بالمبتدع، وموسى الجهني ثقة فاضل ينسب إلى بدعة.

هذا وأول من نسب إليه هذا القول إبراهيم بن يعقوب الجوؤجاني وكان هو نفسه مبتدعاً منحرفًا عن أمير المؤمنين علي متشددًا في الطعن على المتشيعين كما يأتي في القاعدة الآتية، ففي: «فتح المغيث» ص142، «بل قال شيخنا إنه قد نص هذا القيد في المسألة الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ النسائي فقال في مقدمة كتابه في الجرح والتعديل: ومنهم زائغ عن الحق، وصدوق اللهجة، قد جرى في الناس حديثه، لكنه مخذول في بدعته، مأمون في روايته، فهؤلاء ليس فيهم حيلة إلا أن يؤخذ من حديثهم ما يعرف وليس بمنكر إذا لم تقو به بدعتهم فيتهمونه بذلك».والجوزجاني فيه نصب، وهو مولع بالطعن في المتشيعين كما مر، ويظهر أنه إنما يرمي بكلامه هذا إليهم، فإن في الكوفيين الكنسوبين إلى التشيع جماعة أجلة اتفق أئمة السنة على توثيقه وحسن الثناء عليهم وقبول روايتهم وتفضيلهم على كثير من الثقات الذين لم ينسبوا إلى التشيع حتى قيل لشعبة: حدثنا عن ثقات أصحاب، فقال: إن حدثتكم عن ثقات أصحابي فإنما أحدثكم عن نفر يسير من هذه الشيعة، الحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل وحبيب بن أبي ثابت ومنصور. راجع تراجم هؤلاء في «تهذيب التهذيب» فكأن الجوزجاني لما علم أنه لا سبيل إلى الطعن في هؤلاء وأمثالهم مطلقاً حاول أن يتخلص مما يكرهه من مروياتهم وهو ما يتعلق بفضائل أهل البيت، وعبارته المذكورة تعطي أن المبتدع الصادق اللهجة المأمون في الرواية المقبول حديثه عند أهل السنة إذا روى حديثاً معروفاً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير