تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أطفال المشركين " دراسة حديثية تحليلية ".]

ـ[أبو عبد الباري]ــــــــ[23 - 04 - 05, 12:16 ص]ـ

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد،،،

فهذه وريقات كتبتها في مسألة الأطفال والأحاديث الواردة فيها وما تحتج به كل فريق، فرأيت عرضها على المشايخ وطلبة العلم لأستفيد من تعليقاتهم، وقد قسمتها على فصول، وسأعرضها إن شاء الله تعالى في حلقات متتابعة، وهذه الحلقة الأولى:

القول بأن أطفال المشركين في الجنة وأدلته

القول بأن أطفال المشركين الذين ماتوا صغارا من أهل الجنة هو الذي اختاره النووي وعزاه للمحققين في شرح مسلم (16/ 208) فقال: وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم من أهل الجنة اهـ، والقرطبي في التذكرة (ص 598)، واختاره ابن السبكي في رسالته في الأطفال (ص 22 - 23)، وعزاه ابن القيم في طريق الهجرتين (ص 642) لطائفة من المفسرين والمتكلمين وغيرهم، وقال في أحكام أهل الذمة (2/ 108) في الوجه السادس: والقول بأنهم خدم أهل الجنة صح عن سلمان اهـ، وقد بسط كثيرا من أدلته الحافظ ابن الوزير رحمه الله تعالى في العواصم والقواصم، وهو اختيار ابن الجوزي كما قال ابن تيمية في الفتاوى (4/ 303) ودرء التعارض (8/ 435)، واختيار أبي محمد بن جزم في الفصل (2/ 380) وقال: إنه مذهب الجمهور، وهو أيضا اختيار البخاري في صحيحه كما قال في الفتح (3/ 290).

واحتج من قال بهذا القول من العلماء بأدلة من العموم في الكتاب والسنة و الخصوص الوارد في السنة.

أما العموم من الكتاب ففي آيات منها:

قوله تعالى في سورة الإسراء (آية 15): ? وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ?.

ووجه الاستدلال بالآية: أن الله تعالى قضى أنه لا يعذب أحدا بدون إقامة الحجة والبرهان عليه، والطفل غير مكلف شرعا ولو كان من أبوين مسلمين، وإن كان يصح منه الإسلام بعد التمييز على أصح الأقوال، فإذا كان غير مكلف أصلا، فلا يعاقب على ما لم يكلف به، والله يقول إنه لا يعذب أحدا من غير بلوغ الرسالة إليه وتكليفه بها.

قال النووي: ولا يتوجه على المولود التكليف ويلزمه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى يبلغ، وهذا متفق عليه أهـ كلام النووي.

وقال ابن القيم في طريق الهجرتين (ص 644) بعد ما ذكر عدة آيات منها هذه الآية: وهؤلاء لم تقم عليهم حجة الله بالرسل فلا يعذبهم أهـ المراد منه.

وقوله تعالى في أكثر من موضع: ? ولا تزر وازرة وزر أخرى ? وقوله ?فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون?

ووجه الاستدلال بالآية هو: أن الله جل شأنه قد قضى وقضاؤه لا يرد أنه لا يعذب أحدا بذنب غيره ما لم يكن له فيه نصيب ومشاركة، والطفل الذي لم يبلغ الحنث والتكليف لا وزر عليه يستحق به العقاب والعذاب بنفسه، ولا مشاركة له في ذنب غيره بوجه من الوجوه، فلا يعاقب لا بذنب اكتسبه ولا بآخر له فيه مشاركة، وعليه فمقتضى الآية أن الأطفال في الجنة برحمة الله تعالى.

وأما العموم من السنة:

- فما جاء عن غير واحد من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه .... " الحديث، وهو حديث رواه البخاري (رقم 1292) ومسلم (رقم 2658) وغيرهما من حديث أبي هريرة (ورد حديث الفطرة هذا عن ابن عباس والأسود بن سريع وجابر بن عبد الله وسمرة بن جندب وغيرهم).

ووجه الاستدلال بالحديث هو: أن الله فطر المولود أول ما يولد يكون على الفطرة، وهي على الإسلام في قول، وعلى السلامة والاستقامة في قول آخر، وقد اختار كل قول جمع من أهل العلم المحققين، وهو على كلا القولين دليل على أن أمر الطفل محمول على السلامة مما يستحق به العقاب، ولهذا قال ابن عبد البر في تمهيده (18/ 70 - 71) بعد اختياره القول بأن الفطرة في الحديث هي السلامة والاستقامة قال: " وذلك أن الفطرة: السلامة والاستقامة، بدليل حديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم حاكيا عن ربه عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء (رواه مسلم (رقم 2865) – يعني على استقامة وسلامة، والحنيف في كلام العرب المستقيم السالم، وإنما قيل للأعرج أحنف على جهة الفأل كما قيل للقفر مفازة - فكأنه والله أعلم أراد الذين خلصوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير