تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 قال د/ محمود عبد الرازق الرضواني في كتابه (أسماء الله الحسنى في الكتاب والسنة): [ولا بد هنا من التنبيه على مسألة هامة حول هذا الحديث، فأغلب العلماء الذين تتبعوا الأسماء استدلوا به في إثبات القابض الباسط الرازق واستبعدوا المسعر بلا دليل أو تعليل، بل بعضهم يستبعد الرازق أيضا، فهل اسم الله المسعر ليس فيه كمال مطلق أو أنه يحتمل معنى من معاني النقص عند الإطلاق فيلزم تقييده؟ في الحقيقة لم أجد لا هذا ولا ذاك، فهو من حيث الإطلاق أطلقه الرسول - صلى الله عليه وسلم - دون تقييد، ومن حيث الكمال دلالته أبلغ من القابض الباسط لأنه يشملهما معا، لكن العجب أنني وجدت ذلك الأمر عليه أعلام أجلاء كالإمام البيهقي وابن العربي والأصبهاني وابن منده حتى المعاصرين كابن عثيمين وعبد المحسن العباد جميعهم غض الطرف عن المسعر.

أما الرازق فذكره البيهقي وابن منده والأصبهاني وابن الوزير والغصن من المعاصرين وإن استبعد ابن الوزير مع المسعر أيضا القابض الباسط مع أنه لا دليل على القابض الباسط الرازق إلا هذا الحديث، والعلامة ابن حجر العسقلاني استبعد الجميع مع ثبوت الحديث عنده وتصحيحه له، فهو القائل: (هذا الحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والدارمي والبزار وأبو يعلى من طريق حماد بن سلمة عن ثابت وغيره عن أنس وإسناده على شرط مسلم، وقد صححه ابن حبان والترمذي) (3).

والقصد أن الاسم ثابت بالحديث الصحيح، وليس لنا أن نرد قول نبينا - صلى الله عليه وسلم - في تسميته لله - عز وجل - بهذا الاسم بناء على اجتهاد أو استحسان، فلم أجد علة ذكرها أحد لاستبعاده من الأسماء، فما يسري عليه يسري على بقية الأسماء الواردة في الحديث ولذلك أدخله القرطبي في الأسماء الحسنى] ا. هـ

2 وقال أيضا: [والمسعر اسم من أسماء الله دل على صفة من صفات الفعل، والتسعير في حق الله يتعلق بنوعي التدبير، فالتدبير منه ما هو متعلق بتصريف المقادير وهو التدبير الكوني ومنه ما هو متعلق بالحكم التكليفي وهو التدبير الشرعي، فالأول هو المقصود عند إطلاق الاسم في حق الله، لأن ارتفاع السعر أو انخفاضه مرتبط بالتدبير الكوني والتقدير الأزلي، فالسعر يرتفع بين الناس إما لقلة الشيء وندرته وإما لزيادة الطلب وكثرته وهذا أمر يتعلق بمشيئة الله وحكمته، فهو الذي يبتلي عباده في تصريف أرزاقهم وترتيب أسبابهم، فقد يهيأ أسباب الكسب لإغناء فقير، وهو الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر وهو على كل شيء قدير، فهذا تدبير الله في خلقه وحكمته في تقدير المقادير. وإذا ألزمنا الناس في تلك الحالة أن يبيعوا بقيمة محددة مع تيسر الأسباب وبسط الأرزاق، فهذا ظلم للخلق وإكراه بغير حق واعتراض على الله عز وجل في تقسيم الرزق، ولذلك قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ)، فقد رتب النبي - صلى الله عليه وسلم - الحكم علي الوصف المناسب، فمن حاول التسعير على المعنى السابق فقد عارض الخالق ونازعه في مراده، ومنع العباد حقهم مما أولاهم الله في الرخص أو الغلاء، فبين - صلى الله عليه وسلم - أن المانع له من التسعير أنه يتضمن ظلما للناس في أموالهم لكونه تصرفا فيها بغير إذنهم فقال - صلى الله عليه وسلم -: (وإني لأَرْجُو أَنْ أَلْقَي اللهَ وَلاَ يَطْلُبُنِي أَحَدٌ بِمَظْلَمَةٍ ظَلَمْتُهَا إِيَّاهُ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ)، فالنهي عن التسعير مرتبط بوقوع الظلم على العباد، أما التسعير المتعلق بالتدبير الشرعي فهو منع الظلم وكفه عن الناس وذلك بمنع استغلال حاجتهم أو احتكار التجار لسلعتهم طلبا لزيادة الأسعار، كأن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع توفرها وضرورة الناس إليها إلا بزيادة عن القيمة المناسبة، فهنا إلزامهم بقيمة المثل من الأحكام الوجبة، فالتسعير ههنا أمر شرعي وإلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به.

دلالة الاسم على أوصاف الله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير