" إذا علمت هذا فاعلم أن كثيرا من الناس يظنون أن القائل بالجهة أو الاستواء هو من المجسمة، لأنهم يتوهمون أن من لازم ذلك التجسيم، وهذا وهم فاسد، وظن كاذب، وحدس حائد "
ونقل مقرا:
" وإذا ثبت أن موسى - عليه السلام - إنما سمع من الله - عز وجل - لم يجز أن يكون الكلام الذي سمعه إلا صوتا وحرفا، فإنه لو كان معنى في النفس وفكرة ورؤية، لم يكن ذلك تكليما لموسى ولا هو شيء يسمع، والفكر لا يسمى مناداة، فإن قالوا: نحن لا نسميه صوتا مع كونه مسموعا، قلنا: هذا مخالفة في اللفظ مع الموافقة في المعنى، فإنه لا يعنى بالصوت إلا ما كان مسموعا ثم إن لفظ الصوت قد صحت به الأخبار "
وقال:
" والحاصل أن مذهب الحنابلة كسائر السلف أن الله - تعالى - يتكلم بحرف وصوت
وقال:
" واحتج بها البخاري وغيره من أئمة الحديث على أن الحق - جل شأنه - يتكلم بحرف وصوت، وقد صححوا هذا الأصل واعتقدوه، واعتمدوا على ذلك منزهين الله - تعالى - عما لا يليق بجلاله من شبهات الحدوث وسمات النقص، كما قالوا في سائر الصفات، فإذا رأينا أحدا من الناس مما لا يقدر عشر معشار هؤلاء يقول: لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث واحد أنه تكلم بحرف وصوت، ورأيت هؤلاء الأئمة قد دونوا هذه الأخبار وعملوا بها، ودانوا الله - سبحانه وتعالى - بها، وصرحوا بأن الله - تعالى - تكلم بحرف وصوت لا يشبهان صوت مخلوق ولا حرفه بوجه ألبتة، معتمدين على ما صح عندهم عن صاحب الشريعة المعصوم في أقواله وأفعاله، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، مع اعتقادهم الجازم الذي لا يعتريه شك ولا وهم ولا خيال - نفي التشبيه والتمثيل، والتحريف والتعطيل، بل يقولون في صفة الكلام كما يقولون في سائر الصفات، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، كما عليه سلف الأمة وفحول الأئمة، فهو حق اليقين بلا محال، وهل بعد الحق إلا الضلال ".
وقال السفاريني -رحمه الله-:
" وقد أكثر العلماء من التصنيف، وأجلبوا بخيلهم ورَجِلِهم من التأليف، في ثبوت العلوّ والاستواء ونبّهوا على ذلك بالآيات والحديث وما حوى، فمنهم الراوي الأخبارَ بالأسانيد، ومنهم الحاذفُ لها وأتى بكلِّ لفظٍ مفيدٍ، ومنهم المُطَوِّل المُسهِب، ومنهم المُختصِر والمتوسِّط والمهذِّب، فمن ذلك ((مسألة العلوّ)) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و ((العلوّ)) للإمام الموفق صاحب التصانيف السنيّة، و ((الجيوش الإسلاميّة)) للإمام المحقق ابن قيِّم الجوزية، و ((كتاب العرش)) للحافظ شمس الدين الذهبي صاحب الأنفاس العليّة، وما لا أُحصي عدّهم إلاّ بكُلْفة، والله تعالى الموفِّق " ا. هـ
بل الإمام السفاريني في كتابه لوامع الأنوار البهية لايكاد يقرر صفة من الصفات إلا من خلال كلام ابن تيمية حتى أنه نقل عنه في أكثر من مائة وثمانين موطنا (180) في كتابه الذي لم يجاوز أربعمائة وسبعين صفحة ولا أقول ورقة (470)
فهل يقال إنه مفوض مع كل هذا
الإمام العلامة محمد بن علي الشوكاني ت هـ
قال الإمام الشوكاني في رسالته " التحف " وهو كتيب خاص بمسائل الصفات:
" ومن جملة الصفات التي أمرها السلف على ظاهرها وأجروها على ما جاء به القرآن والسنة من دون تكلف ولا تأويل صفة الاستواء التي ذكرها السائل يقولون نحن نثبت ما أثبته الله لنفسه من استوائه على عرشه على هيئة لا يعلمها إلا هو وكيفية لا يدري بها سواه ولا نكلف أنفسنا غير هذا فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا تحيط عباده به علما وهكذا يقولون في مسألة الجهة التي ذكرها السائل وأشار إلى بعض ما فيه دليل عليها والأدلة في ذلك طويلة كثيرة في الكتاب والسنة وقد جمع أهل العلم منها لا سيما أهل الحديث مباحث طولوها بذكر آيات قرآنية وأحاديث صحيحة وقد وقفت من ذلك على مؤلف بسيط في مجلد جمعه مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي رحمه الله استوفى فيه كل ما فيه دلالة على الجهة من كتاب أو سنة أو قول صاحب مذهب والمسألة أوضح من أن تلتبس على عارف وأبين من أن يحتاج فيها إلى التطويل " ا. هـ
فماذا بعد هذا الإثبات الصريح
وقال أيضا:
¥