" والحق هو ما عرفناك من مذهب السلف الصالح فالاستواء على العرش والكون في تلك الجهة قد صرح به القرآن الكريم في مواطن يكثر حصرها ويطول نشرها وكذلك صرح به رسول الله صلى الله عليه و سلم في غير حديث بل هذا مما يجده كل فرد من أفراد الناس في نفسه وتحسه في فطرته وتجذبه إليه طبيعته كما نراه في كل من استغاث بالله سبحانه وتعالى والتجأ إليه ووجه أدعيته إلى جنابه الرفيع وعزه المنيع فإنه يشير عند ذلك بكفه أو يرمي إلى السماء بطرفه " ا. هـ
ــ ع العلامة محمد أنور شاه ابن معظم شاه الكشميري
قال رحمه الله:
" ودل ماروينا على رغم أنف من قال بأن أبا حنيفة جهمي عياذاً بالله، فإن أبا حنيفة قائل بما قال السلف الصالحون، فالحاصل أن نزول الباري إلى سماء الدنيا نزول حقيقة يحمل على ظاهره ويفوض تفصيله وتكييفه إلى الباري عز برهانه، وهو مذهب الأئمة الأربعة والسلف الصالحين " ا. هـ
ـــ ماذا نسمي هذا؟ هل هو تأويل؟ أم تفويض؟ وإن لم يكن فما هو وماذا نسميه؟!
هذا اعتراف من هذا العالم الماتريدي الحنفي بما كان عليه أبو حنيفة والسلف من إثبات الصفات الخبرية كالنزول إثباتا حقيقيا والاقتصار في التفويض على تفويض المعنى التفصيلي الذي هو نوع من التكييف أما أصل المعنى وهو حقيقة الصفة فهو مثبت
وقال الكشميري:
"
وأما تفويض السلف فيحتمل المعنيين:
أحدهما: تفويض الأمر إلى الله وعدم الإنكار على من تأول كيف ما تأول بسبب إقرارهم بعدم العلم.
ثانيهما: تفويض التفصيل والتكييف إلى الله تعالى والإنكار على من تأول برأيه وعقله ومرادهم هو الاحتمال الثاني لا الأول " ا. هـ
ـــ العلامة ناصر بن عبد الرحمن السعدي
قال في تفسيره عن صفة النور:
" النور الحسي والمعنوي وذلك أنه تعالى بذاته نور، وحجابه نور الذي لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه وبه استنار العرش والكرسي والشمس والقمر، وبه استنارت الجنة وكذلك المعنوي يرجع إلى الله، فكتابه نور، وشرعه نور، والإيمان والمعرفة في قلوب رسله وعباده المؤمنين نور، فلولا نوره تعالى لتراكمت الظلمات؛ ولهذا كل محل يفقد نوره فَثَمَّ الظلمة والحصر " ا. هـ
وقال:
" لفظ "استوى" في القرآن على ثلاثة أوجه: إن عدي بـ "على" كان معناه العلو والارتفاع، {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} "
وقال:
"العلي الأعلى" وهو الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه، علو الذات، وعلو القدر والصفات، وعلو القهر. فهو الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى " ا. هـ
وقال:
{وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} العلي في ذاته، فهو عال على جميع المخلوقات وفي قدره، فهو كامل الصفات، وفي قهره لجميع المخلوقات، الكبير في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، الذي من عظمته وكبريائه، أن الأرض قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، ومن كبريائه، أن كرسيه وسع السماوات والأرض
ذكر قوله تعالى (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا) ثم قال:
" وفي هذه الآية دليل على علو الله تعالى واستوائه على عرشه حقيقة، كما دلت على ذلك النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تلقاها أهل السنة بالقبول والإيمان والتسليم "
وقال:
وينزل الباري [تبارك] تعالى: {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} ليفصل بين عباده بالقضاء العدل.
فتوضع الموازين، وتنشر الدواوين، وتبيض وجوه أهل السعادة وتسود وجوه أهل الشقاوة، ويتميز أهل الخير من أهل الشر، وكل يجازى بعمله، فهنالك يعض الظالم على يديه إذا علم حقيقة ما هو عليه.
وهذه الآية وما أشبهها دليل لمذهب أهل السنة والجماعة، المثبتين للصفات الاختيارية، كالاستواء، والنزول، والمجيء، ونحو ذلك من الصفات التي أخبر بها تعالى، عن نفسه، أو أخبر بها عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، فيثبتونها على وجه يليق بجلال الله وعظمته، من غير تشبيه ولا تحريف، خلافا للمعطلة على اختلاف أنواعهم، من الجهمية، والمعتزلة، والأشعرية ونحوهم، ممن ينفي هذه الصفات، ويتأول لأجلها الآيات بتأويلات ما أنزل الله عليها من سلطان، بل حقيقتها القدح في بيان الله وبيان رسوله، والزعم بأن كلامهم هو الذي تحصل به الهداية في هذا الباب، فهؤلاء ليس معهم دليل نقلي، بل ولا دليل عقلي، أما النقلي فقد اعترفوا أن النصوص
¥