تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الواردة في الكتاب والسنة، ظاهرها بل صريحها، دال على مذهب أهل السنة والجماعة، وأنها تحتاج لدلالتها على مذهبهم الباطل، أن تخرج عن ظاهرها ويزاد فيها وينقص، وهذا كما ترى لا يرتضيه من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.

وقال:

{وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ} أي: الأيمن من موسى في وقت. مسيره، أو الأيمن: أي: الأبرك من اليمن والبركة. ويدل على هذا المعنى قوله تعالى: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} والفرق بين النداء والنجاء، أن النداء هو الصوت الرفيع، والنجاء ما دون ذلك، وفي هذه إثبات الكلام لله تعالى وأنواعه، من النداء، والنجاء، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافا لمن أنكر ذلك، من الجهمية، والمعتزلة، ومن نحا نحوهم.

وقد ذكرت كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ السعدي لوجود أحد المشوشين ممن زعم أنهما يفوضان وإلا فإنني قد كسلت عن ذكر كثير من أهل العلم المعروفين بالإثبات

فصل في الكيف في الصفات وبيان مذهب السلف فيه

من المسائل المتممة لمبحث التفويض والمهمة في تحقيق التصور السليم والتام لهذا الباب هو مسألة الكيف في الصفات

وقبل بيان المراد من هذا الفصل أبين باختصار تعريف التكييف والفرق بينه وبين التمثيل والتشبيه:

فالتكييف وصف دقيق أو مفصل أو تام للصفة

والتشبيه وصف للموصوف بصفة الغير إجمالا

والتمثيل وصف للموصوف بصفة الغير تفصيلا

فكل ممثل مكيف مشبه وكل مشبه مكيف وليس كل مكيف ممثل

فلم يختلف أهل السنة قاطبة وكذا (من جهة نظرية) المعطلة الجهمية ومن سار على خطاهم لم يختلفوا في أن تكييف صفات الله أمر محرم لا يجوز الولوج فيه فضلا عن الخوض

لكن ليس المهم هو الاتفاق لفظيا ونظريا على غرار الشعارات ثم الاختلاف في حقيقة الأمر ومخالفة النصوص تسترا وراء ذلك الشعار

وإنما المهم هو فهم التكييف فهما صحيحا ثم موافقة النصوص وما كان عليه السلف في ذلك.

فبالنظر إلى النصوص الشرعية وما كان عليه سلفنا الصالح وجدنا التالي بما لا مجال للشك فيه:

أ ـ أن هناك كيفا منفيا عن الله مطلقا وهو تكييف الصفات بكيفية صفات الخلق، مصداقا لقوله تعالى: (ولا يحيطون به علما).

ب ـ وهناك كيف منفي من جهة علمنا به وهو غير منفي في أصله وهو المتعلق بكنه الصفات وحقائقها.

فالأول تكييف وهذا كيف.

ج ـ ووجدنا باستقراء كلام السلف أن الكيفية ليست هي إثبات معاني الصفات الظاهرة فأصل معنى الصفة شيء والكيفية التي تتعلق بمعانيها التفصيلية شيء آخر.

ففرق بين المعنى الظاهر وبين الكيف أي (بين المعنى المجمل والمعنى المفصل)

فالمعنى الظاهر للصفة والمجمل هو غير المعنى المفصل الذي يشترك في كثير من صوره مع الكيف

وإليك هذا المثال الواضح الذي جاء فيه الكيف معبَّرا عنه بلفظ المعنى والمراد منه في المثال باتفاق المعنى التفصيلي:

روى الإمام الأصبهاني قوام السنة بسنده في كتابه الحجة حديث الرؤية: "إنكم تنظرون إلى ربكم كما تنظرون إلى القمر ليلة البدر "

وفيه:

" فقال رجل في مجلس يزيد بن هارون الواسطي: يا أبا خالد، ما معنى هذا الحديث؟

فغضب وحرد وقال: ما أشبهك بصبيغ وأحوجك إلى مثل ما فعل به، ويلك، من يدري كيف هذا؟ " ا. هـ

وكون المسؤول عنه وهو الرؤية وأنه معلوم المعنى فهذا باتفاقنا وأكثر مخالفينا وهو يبين بجلاء أن المراد بالمعنى المنفي هو المعنى التفصيلي الذي هو ولوج في الكيفية

وإلا فلا أحد منهم يقول بأن الرؤية لا يُعلم معناها، بل هم يصرحون بأنها رؤية العباد لربهم بأبصارهم حقيقة وأن التشبيه في الحديث برؤية القمر هو تشبيه الرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي

فهناك فرق بين أصل معنى الصفة وبين كيفيتها

وحتى تتضح الصورة ونحسم الإشكال نسأل المخالف سؤالا صريحا وواضحا:

أنت تزعم أنك تثبت لله صفة السمع والبصر والقدرة ونحوها مما تسمونه الصفات العقلية وتثبتون معانيها وتحتجون بهذا على أنكم مجانبون للجهمية والمعتزلة الذين يؤولونها

فيا ترى بإثباتك لها هل أنت مكيف لها أم تفرق بين إثباتك لمعاني هذه الصفات وبين تكييفها؟!!

لا يخلو جوابك من أحد أمرين:

ـ إما أن تعترف بأن هناك فرقا بين إثبات المعنى وإثبات الكيف فلا يكون من أثبت المعنى قد كيّف وبهذا يسقط اعتراضك من أصله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير