ـ[أبو العباس أحمد الأحمد]ــــــــ[21 - 12 - 09, 01:34 م]ـ
هذا مقال وجدته على الشبكة يتعلق بالموضوع:
بين معرفة الله ومعرفة وجود اللهكتبه/ عبد المنعم الشحات
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فإن المعرفة تمثل القدر الذي اتفقت عليه الطوائف الإسلامية سنيها وبدعيها أنه من الإيمان، ثم إن منهم من قصره عليها، وهم غلاة المرجئة من الجهمية ومن وافقهم.
وأما الأشاعرة فهم وإن عدلوا عن لفظ المعرفة إلى التصديق وأضافوا إليه الإقرار، فإنه عند سبر كلامهم، وقدح مناظرتهم وجدت أن حقيقة قولهم يؤول إلى قول جهم في الإيمان، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتاب الإيمان.
وأما أهل السنة فلم يحصروا الإيمان في المعرفة ولا في التصديق والإقرار، وإنما قالوا: إن الإيمان بضع وسبعون شعبة كما في الحديث: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) رواه مسلم، أو كما عبروا عن ذلك بقولهم: إنه قول وعمل، كما هو معلوم من عقائد أهل السنة.
بيد أن ذلك لم يكن هو الاختلاف الوحيد بين أهل السنة وخصومهم في قضية المعرفة هل هي الإيمان أم أنها جزء منه؟ بل امتد ذلك ليشمل موضوع المعرفة ذاتها فغاية ما يروم المتكلمون إثباته هو إثبات وجود الرب -جل وعلا- وهم يسلكون في سبيل ذلك طرقا وعرة صعبة، ولذلك كان من أدق ما وصف به شيخ الإسلام -رحمه الله- علم الكلام بأنه: "فيه حق وباطل والحق الذي فيه يستغني عنه الذكي ولا يفهمه الغبي"، وهذا ينطبق على علم الكلام كأداة للفهم والاستنباط، وينطبق أيضاً على النتائج التي أدى إليها تطبيق هذه القواعد في أبواب الاعتقاد.
ولم يكن المتكلمون في الحلبة وحدهم، فقد خاض تلك المعركة وبشراسة أكبر الصوفية الذين يروجون لأنواع شتى من الانحرافات والشركيات في أبواب العبادة، فأراد هؤلاء أن يسدلوا الستار على أي مناقشة لبيان شرك العبادة بادعاء أن من عرف وجود الله فقد سلم من الشرك.
وكان هذا من أكبر الدوافع التي دفعت شيخ الإسلام -رحمه الله- إلى وضع الاصطلاح القائل بتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام:
1 - توحيد الربوبية وهو إثبات وجود الرب -جل وعلا-، وتوحيده بأفعاله واعتقاد أن الله وحده الخالق الرازق المدبر.
2 - توحيد الألوهية وهو توحيد الله بأفعالنا، وهو أن لا نتوجه بالعبادة إلا إلى الله.
3 - توحيد الأسماء والصفات وهو أن نصفَ الله -تعالى- بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وهذا التقسيم تقسيم اصطلاحي غرضه بيان أن دعوة الرسل قد شملت هذه المعاني، وأن من قَصَرَ التوحيد الذي جاءت به الرسل على بعض هذه المعاني دون بعض فقد أخلَّ بمقصود دعوة الرسل إخلالاً عظيماً؛ لاسيما إذا قصره على المعنى الذي كان موجوداً عند معظم أعداء الرسل فلم ينفعهم، كما حكى الله -عز وجل- ذلك عنهم: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) (لقمان:25)، وأن المشركين لم ينازعوا في أن الله ربهم وخالقهم. وإنما قالوا: (أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) (ص:5).
واعتذروا عن عبادتهم لغير الله قائلين: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) (الزمر:3)، وقائلين: (هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) (يونس:18)، مما يدل أنهم كانوا يرون الأمور كلها بيد الله؛ بيد أنهم عبدوا معه غيره.
ومن أوضح الأدلة على ذلك قوله -تعالى- واصفا حالهم: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (يوسف:106)، بيد أن الصوفية ومن وافقهم شغبوا على ما قرره شيخ الإسلام، بأمور منها:
1 - أن التفريق بين لفظ الرب ولفظ الإله أمر محدث من اختراع شيخ الإسلام ابن تيمية.
2 - أن القرآن جاء ليقرر وجود الله خلافاً لما ادعاه ابن تيمية، واستدلوا على ذلك بمواضع من القرآن منها قوله -تعالى-: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (الطور:35).
3 - أن تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام هو بدعة من اختراع ابن تيمية، حتى وصف ذلك بعضهم بأنه: "تثليث ابن تيمية" (1).
وهذه شبهات ساقطة لمن تأملها -بفضل الله تعالى- وإليك جوابها:
¥