تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقول في حكاية مناظرة الواسطية: (فلما ذكرت في المجلس أن جميع أسماء الله التي سمي بها المخلوق كلفظ الوجود الذي هو مقول بالحقيقة على الواجب والممكن على الأقوال الثلاثة: تنازع كبيران هل هو مقول بالاشتراك أو بالتواطؤ؟ فقال أحدهما: هو متواطئ وقال الآخر هو مشترك؛ لئلا يلزم التركيب. ـ أقول يعني لو قال هو الوجود متواطئ بينهما للزمه أن يقول ماهية الله غير وجوده، كي يفارق سائر الموجودات في الماهية، فتكون الماهية أو الحقيقة هي التي تخص وجوده تعالى بالوجوب، لكن يلزم من ذلك على طريقتهم تركبه تعالى من الوجود والماهية، والتركيب في حقه محال، فيصار إلى القول بالاشتراك يعني اللفظي ـ وقال هذا: قد ذكر فخر الدين أن هذا النزاع مبني على أن وجوده هل هو عين ماهيته أم لا؟. فمن قال إن وجود كل شيء عين ماهيته قال: إنه مقول بالاشتراك ـ أقول يعني اللفظي لأن الضابط بينهما أن التواطؤ يتحد فيه معنى المفهوم على مصاديقه بخلاف المشترك فتختلف فيه المعاني لأنه على كلام الرازي لو قال الوجود عين الماهية كما هو نص الأشعري وأقر باشتراك الوجود على سبيل التواطؤ للزمه اتحاد الماهيات بين الواجب والممكنات ـ ومن قال إن وجوده قدر زائد على ماهيته قال: إنه مقول بالتواطؤ. فأخذ الأول يرجح قول من يقول: إن الوجود زائد على الماهية؛ لينصر أنه مقول بالتواطؤ. فقال الثاني: ليس مذهب الأشعري وأهل السنة أن وجوده عين ماهيته فأنكر الأول ذلك. فقلت ـ يعني شيخ الإسلام ـ: أما متكلمو أهل السنة فعندهم أن وجود كل شيء عين ماهيته؛ وأما القول الآخر فهو قول المعتزلة أن وجود كل شىء قدر زائد على ماهيته وكل منهما اصاب من وجه فإن الصواب ان هذه الأسماء مقولة بالتواطؤ كما قد قررته فى غير هذا الموضع وأجبت عن شبهة التركيب بالجوابين المعروفين).

ثم قال الشيخ (وأما بناء ذلك على كون وجود الشىء عين ماهيته أو ليس عينه فهو من الغلط المضاف الى ابن الخطيب ـ يعني الفخر الرازي ـ فإنا وإن قلنا أن وجود الشىء عين ماهيته لا يجب ان يكون الإسم مقولا عليه وعلى نظيره بالإشتراك اللفظى فقط كما فى جميع أسماء الأجناس، فإن اسم السواد مقول على هذا السواد وهذا السواد بالتواطىء وليس عين هذا السواد هو عين هذا السواد إذ الاسم دال على القدر المشترك بينهما وهو المطلق الكلى لكنه لا يوجد مطلقا بشرط الإطلاق إلا فى الذهن ولا يلزم من ذلك نفى القدر المشترك بين الاعيان الموجودة فى الخارج فإنه على ذلك تنتفى الأسماء المتواطئة وهى جمهور الأسماء الموجودة فى الغالب وهى اسماء الاجناس اللغوية وهو الاسم المطلق على الشىء وعلى كل ما اشبهه سواء كان اسم عين أو اسم صفة جامدا أو مشتقا وسواء كان جنسا منطقيا أو فقهيا أو لم يكن بل اسم الجنس فى اللغة يدخل فيه الأجناس والأصناف والانواع ونحو ذلك وكلها أسماء متواطئة وأعيان مسمياتها فى الخارج متميزة)

أقول وهذه من دقائق الشيخ، فالمتواطئات التي يدعيها المناطقة أن المعنى فيها يتساوى بين الأفراد، لا يمكن حصول ذلك إلا في الذهن أيضا، فالسواد من حيث هو مفهوم، لا يوجد في الخارج بتحقق واحد، وكذا غيره من أسماء الأجناس كما ذكر الشيخ، لذا يقرر الشيخ أن المتشاكك يدخل في المتواطيء،كما سيأتي.

ويقول: (ولهذا كان الحذاق يختارون أن الأسماء المقولة عليه وعلى غيره مقولة بطريق التشكيك ليست بطريق الاشتراك اللفظي ولا بطريق الاشتراك المعنوي الذي تتماثل أفراده؛ بل بطريق الاشتراك المعنوي الذي تتفاضل أفراده كما يطلق لفظ البياض والسواد على الشديد كبياض الثلج وعلى ما دونه كبياض العاج. فكذلك لفظ الوجود يطلق على الواجب والممكن وهو في الواجب أكمل وأفضل من فضل هذا البياض على هذا البياض؛ لكن هذا التفاضل في الأسماء المشككة لا يمنع أن يكون أصل المعنى مشتركا كليا فلا بد في الأسماء المشككة من معنى كلي مشترك وإن كان ذلك لا يكون إلا في الذهن)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير