فلحم الضأن والمعز هذا جنس، ولحم البقر جنس آخر، ولحم الإبل جنس ثالث، فالعبرة باختلاف أصوله، فهذه فصيلة المعز، ويدخل فيها الضأن ونحوه، وهذه فصيلة البر، ويدخل فيها الجواميس ونحوها، وهذه فصيلة الإبل فيدخل فيها أنواعها، فبيع لحم الإبل بلحم البقر يجوز بشرط التقابض، أما المفاضلة فهي جائزة لأن الأجناس هنا مختلفة، وأما بيع لحم البقر بحم البقر فلا يجوز إلا بالتقابض والتماثل لأنه جنس واحد.
قوله [وكذا اللبن]
فاللبن يتبع أصوله، فلبن الإبل جنس، ولبن البقر جنس آخر، وهكذا.
قوله [واللحم والشحم والكبد أجناس]
فاللحم جنس، والشحم جنس آخر، والكبد جن آخر، وهكذا بقية أجزاء الحيوان، فإنها أجناس مختلفة، وذلك لأن لكل منها اسم وحقيقة تختلف عن اسم وحقيقة الآخر، وعليه فبيع اللحم بالكبد يشترط فيه التقابض فحسب، وأما بيع اللحم من جنس واحد فلا بد فيه من التماثل والتقابض.
قوله [ولا يصح بيع لحم بحيوان من جنسه]
أي أنه ليس له أن يبيع لحم إبل ببعير، ولا لحم البقر ببقرة، أو لحم الغنم بغنمة، ونحو ذلك، وذلك للجهل بالتماثل، وتقدم أن الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل، ويدل عليه ما رواه مالك في موطئه بسند صحيح إلى سعيد بن المسيب رحمه الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن بيع اللحم بالحيوان) [ك 1316]، وله شاهد عند البيهقي من حديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه -[هق 5/ 296، برقم 10349]، وهذا هو مذهب جماهير العلماء، وأنه لا يجوز بيع اللحم بحيوان من جنسه، والعلة كما سبق هي الجهل بالتماثل.
قوله [ويصح بغير جنسه]
فلو باع كذا كيلو من لحم الإبل بضأن أو معز فهذا جائز إذا كان يدا بيد، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) فيجوز هذا ولو مع التفاضل، أما النسيئة فلا يجوز سواء كان بجنسه أم بغير جنسه، ويدل لهذا ما رواه الخمسة والحديث صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة) [حم 19630، ت 1237، ن 4620، جه 2270، د 3356]، قال شيخ الإسلام:" إذا كان المقصود اللحم وإلا فلا " فإذا كان المقصود هو اللحم فإنه لا يجوز ذلك، وذلك لما تقدم في العلة في الربا وأنها هي القوت، فإذا كان المقصود هو اللحم فيحرم وإلا فيجوز، ولذلك ثبت في المستدرك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اشترى البعير بالبعيرين وبالثلاثة، والبعيرين بالثلاثة إلى إبل الصدقة) [كم 2/ 56، د 3357] وذلك لأن المقصود ليس هو اللحم، وإنما المقصود هو الركوب، وهذا جمع بين الأدلة، فعليه لا يجوز
بيع الحيوان - بقصد اللحم - بالحيوان.
قوله [ولا يجوز بيع حب بدقيقه ولا سويقه]
فلا يجوز له أن يبيع الحب كالبر بالدقيق وهو طحينه، وذلك للجهل بالتماثل، والجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل، وعن الإمام أحمد أن ذلك جائز وزنا، وهذا هو الظاهر، فإن التفاضل إنما يقع في الكيل، وأما بالوزن فإن التماثل يعلم، وإنما يقع التفاضل في الكيل لأن الدقيق سيكون أكثر بكثير من الحب لوجود مسافات بين الحبوب، وعلى هذا فالراجح هو الرواية عن الإمام أحمد أن بيع الدقيق بحبه جائز إذا ثبت التماثل بالوزن.
وقوله (ولا سويقه) والسويق هو أن يضعه على النار حتى يأخذ شيئا من الحمرة، ثم يوضع عليه شيء من الزيت والماء ونحو ذلك، فلا يجوز له أن يبيع الحب بالسويق، ولا يجوز أن يبيع الدقيق بالسويق لعدم معرفة التماثل، لأن السويق قد أضيف إليه شيء من السمن أو من الماء، وقد وضع على النار فلا يثبت حينئذ التماثل.
قوله [ولا نيئه بمطبوخه]
لا يحل له أن يبيع النيء بالمطبوخ، فمثلا بيع الحنطة بالهريس أو بيع البر بالخبز هذا لا يجوز لعدم معرفة التماثل.
قوله [وأصله بعصيره]
فالأصل مثلا الزيتون، فلا يجوز أن يباع بعصيره وهو زيت الزيتون، لعدم معرفة التماثل، والزيتون قالوا هو مما يجري فيه الربا، وزيته فرع عنه، والفرع له حكم الأصل.
قوله [وخالصه بمشوبه]
فلو باع حنطة خالصة بحنطة مشوبة فهذا لا يجوز، وذلك للجهل بالتماثل، أما إذا كان الشائب يسيرا بحيث لا يؤثر فإنه يجوز للعفو عن اليسير.
قوله [ورطبه بيابسه]
¥