[الإنكار في مسائل الإجتهاد]
ـ[ابوسفر]ــــــــ[16 - 08 - 06, 07:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد:
هذا بحيث لي في هذا الموضوع , وابو عبدالله هو (ابوسفر) فهما كنيتان.
قال أبوعبد الله: إن الحاجة ماسة في هذا الزمن خاصة إلى دراسة هذا الموضوع دراسة مستفيضة لكثرة النوازل
وكثرة الفتاوى فبينما أنت تشاهد عالما في شاشة يفتي برأي ما في مسألة ما إذ يعقبه بعد هنيهة من يفتي
بخلاف ما أفتى به في نفس المسألة , ولعل من الجدير بالذكر أن العامي في هذا الزمن لم يعد كالعامي قبل
سنوات قليلة فهو يرى أصناف الفتاوى ترد عليه من كل حدب وصوب عبر وسائل الإتصال المختلفة فقد يظن أن من
يفتي بخلاف ماعهده ضال ومبتدع وكفى بهذا ظلما. فلذا ينبغي إذا سأل أن تبين له الأقوال والأدلة ومن ثم يرجح العالم
مايرى أنه الراجح., وفي هذا فائدتان:
الأولى: تدريب العامي على العناية بالدليل وفهمه لاسيما أن هناك من فسر قول الله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن
كنتم لاتعلمون " أن المراد السؤال عن الدليل , نصره ابن حزم , والشوكاني رحمهما الله.
الثانية: أن العامي قديرى من يعمل بخلاف ما أفتي به أو يسمع , فيسوء ظنه , ويلتبس الأمر عليه , ولذا فإن من المهم
تبيين التعامل مع مسائل الإجتهاد للعامة تبيينا جليا من قبل العلماء.
ثم إن بعض الناس - هداهم الله - عندما يرون من يعمل عملا على خلاف ماعهدوه ينكرون عليه , وإذا أخبرهم برأيه
إن كان لديه علم , أو أنه قلد مجتهدا , قالوا له: الخلاف ضعيف هنا! فإذا قال: بم حكمتم بضعفه؟ قالوا:
إن جمهور العلماء على خلافه! فيقول لهم: ليس الحق يعرف بالقائلين , ولا بعدد القائلين , فهذا شيخ الإسلام
ابن تيمية ينسب إليه مخالفة الإجماع فيما يزيد عن ثلاثين مسألة ومنها مسألة طلاق الثلاث بلفظ واحد كمانقله
ابن القيم, وغيره من العلماء كثير , فيقول: إن الدليل على خلافه! فيقول لهم: كون الدليل على خلاف قول مخالفكم
أو على وفاقه أمر نسبي يختلف باختلاف الأفهام , فما هو قريب من الدليل لدي قدلايكون قريب من الدليل لديك.
ولنتأمل ما قاله الشافعي رحمه الله في الأم , قال: " والمستحل لنكاح المتعة والمفتي بها , والعامل بها ممن
لاترد شهادته , وكذلك لو كان موسرا فنكح أمة مستحلا لنكاحها مسلمة أو مشركة لإنا نجد من أعلام الناس من
يفتي به ويعمل به ويرويه , وكذا المستحل لإتيان النساء في أدبارهن , فهذا كله عندنا مكروه , ومحرم , وإن
خالفنا الناس فيه فرغبنا عن قولهم , ولم يدعنا هذا إلى أن نجرحهم ونقول لهم: إنكم حللتم ماحرم الله وأخطأتم
لأنهم يدعون علينا الخطأ كما ندعيه عليهم , وينسبون من قال قولنا إلى أنه حرم ما أحل الله عزوجل " انتهى.
ولنتأمل قوله: " لأنهم يدعون علينا الخطأ كما ندعيه عليهم "
قال أبو عبد الله: ولقائل أن يقول: لم يبق إذا ماينكر لأنه لاتكاد تخلو مسألة من خلاف خفي أو اشتهر.
وأقول: هناك جوابان , الأول: أن أصول الدين وأركانه هي محل اتفاق ولله الحمد.
الثاني: أن هذا ليس على إطلاقه فالإنكار في مسائل الإجتهاد يرد على المجتهد ويرد على العامي , فيرد
على المجتهد إذا علق الرجوع عن قوله على صحة حديث ما وصح هذا الحديث ولم يرجع أو إذا كان لديه تعليل
وتأويل لدليل ما وتم الجواب عن هذا التأويل جوابا لايجد له المجتهد مايدفعه ولم يرجع.
ويرد على العامي إذا علم مأخذ من قلده وعلم الجواب عنه ولم يرجع.
يقول ابن القيم رحمه الله في إعلا الموقعين: " قول الشافعي رحمه الله: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ماقلته) وكذلك قوله: (إذا صح الحديث
عن النبي صلى الله عليه وسلم وقلت أنا قولا فأنا راجع عن قولي وقائل بذلك الحديث) وقوله: (إذا صح الحديث
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولي عرض الحائط) وقوله: (إذا رويت حديثا عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولم أذهب إليه فاعلموا أن عقلي قد ذهب) وغير ذلك من كلامه في هذا المعنى صريح في مدلوله
وأن مذهبه مادل عليه الحديث لاقول له غيره , ولا يجوز أن ينسب إليه ماخالف الحديث ويقال هذا مذهب الشافعي
¥