[تصحيح تصحيف في اختيارات ابن تيمية الفقهية للبعلي]
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 02:40 م]ـ
- جاء في الاختيارات للبعلي:"ولا يجب غسل الثوب والبدن من المذي والقيح والصديد ولم يقم دليل على نجاسته وحكى أبو البركات عن بعض أهل العلم طهارته والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح وهو إحدى الروايتين عن أحمد" (الاختيارات الفقهية للبعلي ص26).
بناء على هذا النقل من البعلي نسب كثير من أهل العلم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يقول بطهارة المذي, وهذا خلاف المشهور عنه ولهذا سنبين موضع الخطأ في هذا النقل.
*كلام البعلي السابق في نقل مذهب ابن تيمية عليه انتقادات عدة وهي:
1) من يقرأ هذا الكلام لا يفهم أن المذي طاهر وإنما يفهم أن الصديد طاهر لأنه قال:"لم يقم دليل على نجاسته" فالضمير يعود على أقرب مذكور وهو الصديد فجعله يعود على المذكور الأول يحتاج إلى دليل.
وإن كان يقصد أن كل المذكورات طاهرة فيجب أن يقول:"لم يقم دليل على نجاستها" لأنها متغايرة في حقيقتها.
حتى إن فرضنا أنه يقصد المذي بقوله:"لم يقم دليل على نجاسته" فالأولى أن يقول بعده:" والأقوى فيه" ولا يقول:"والأقوى في المذي" لأن هذا تكرار لا فائدة فيه. (هذا من حيث اللفظ)
2) الكلام السابق فيه تناقض:
-فقد قال:" لم يقم دليل على نجاسته" وهذا معناه أن المذي طاهر على قول من فهم هذا عنه.
-وقال:" والأقوى في المذي أنه يجزئ فيه النضح" وهذا يقتضي أن المذي نجس لأنه لو كان طاهرا لما وجب فيه شيء ولأجزأ فيه تركه على ما هو عليه ففي قوله:"يجزئ فيه" دليل على وجوب إزالته.
3) لو كان يقصد طهارة المذي لذكر أنه رواية عن أحمد عوض أن يذكر أنه منقول عن بعض أهل العلم.
4) قول ابن تيمية أن المذي طاهر – على قول من فهم ذلك – لم ينقل إلا في هذا الموضع ونقل عنه أنه يقول بنجاسته في مواضع كثيرة وهي:
•قال ابن تيمية:" وتكفي غلبة الظن بإزالة نجاسة المذي أو غيره وهو قول في مذهب أحمد ورواية عنه في المذي". (وهذا صريح في القول بنجاسته ومن الغريب أن هذا القول موجود قبل القول المشتبه السابق بصفحة فقط الاختيارات الفقهية للبعلي ص25).
•قال:"التوضؤ من خروج النجاسة مع الوضوء من القبلة فإنه قد يقبل فيمذي وقد يقبل فلا يمذي وقد يمذي من غير مباشرة فإذا قدر أنه لا وضوء من مس النساء لم ينف الوضوء من المذي وكذلك بالعكس وهذا بين" (مجموع الفتاوى 21/ 264)
•وقال:"قال مدعي نجاسة المني أنه نجس كالمذي لأن المني أصل المذي وهو جار في مجراه ويخرج من مخرجه فإذا نجس الفرع فلأن ينجس الأصل أولى"
فأجاب ابن تيمية:"وأما كونه فرعا فليس كذلك بل هو بمنزلة الجنين الناقص كالإنسان إذا أسقطته المرأة قبل كمال خلقه فإنه وإن كان مبدأ خلق الإنسان فلا يناط به من أحكام الإنسان إلا ما قل ولو كان فرعا فإن النجاسة استخباث وليس استخباث الفرع بالموجب خبث أصله كالفضول الخارجة من الإنسان" (مجموع الفتاوى 21/ 596 - 598)
•قال ابن تيمية عن المذي:" وظاهر المذهب أنه نجس وعنه أنه طاهر اختاره أبو الخطاب في خلافه لما روى سهل بن حنيف قال كنت ألقى من المذي شدة وكنت أكثر من الاغتسال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يجزيك من ذلك الوضوء فقلت يا رسول الله كيف أصنع بما يصيب ثوبي قال يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصابه رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن صحيح وأحمد .... فلم يأمره بغسل فرجه منه ولو كان واجبا لأمره ويحمل الأمر بالنضح وبالغسل في حديث علي على الاستحباب ولأنه جزء من المني إذ يخرج بسبب الشهوة من مخرج المني لكنه لم يستحكم بكمال الشهوة والأول هو المشهور لكن يكفي نضح المحل منه في إحدى الروايتين" .... ثم قال:" النجاسات على قسمين ما يبطل الصلاة قليلها وكثيرها وما يعفى عن يسيرها أما المذي فيعفى عنه في أقوى الروايتين لأن البلوى تعم به ويشق التحرز منه فهو كالدم بل أولى للاختلاف في نجاسته والاجتزاء عنه بنضحه" (شرح العمدة 1/ 100 - 105)
¥