هذه مسألة مد عجوة، والمد: هو ربع الصاع، والعجوة: تمرة مشهورة، وهي من تمر المدينة، وصورة هذه المسألة: أن يباع مد عجوة ودرهم بدرهمين، فهذا الدرهم ربوي بيع بجنسه، فدرهم بدرهم أو درهم بدرهمين ومع أحدهما شيء آخر، وهو هنا مد عجوة، وكذلك لو باع ذهبا بذهب وحرز، أو باع فضة بفضة ونحاس، ونحو ذلك، أو باع فضة ونحاس بفضة ونحاس، فهذا كله لا يجوز، ودليل هذه المسألة ما ثبت في صحيح مسلم من حديث فضالة بن عبيد قال: (اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تباع حتى تفصل) [م 1591]، فهنا ذهب بذهب وخرز، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك حتى يفصل، أي حتى يميز الذهب من الخرز، فيعرف مقدار الذهب، ويعرف مقدار الخرز، وعن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم أن هذه المسألة يستثنى منها ما إذا كان الجنس المتميز أكثر من الجنس المختلط، أي الجنس المنفرد أكثر من الجنس المختلط، فحينئذ تكون الزيادة في المنفرد مقابل هذا الجنس الزائد، ومثال ذلك: باع عشرة دنانير بقلادة فيها تسعة دنانير وخرز، فحينئذ تسعة دنانير بتسعة دنانير، ودينار مقابل الخرز، وكذلك إذا باع مائة صاع من التمر بتسعين صاعا من التمر وكذا صاعا من الشعير أو الأقط، فهذا جائز بشرط ألا يكون حيلة على الربا، وذلك لأن الأصل في البيوع الحل، ومن باع تسعة دنانير بتسعة دنانير، والدينار الزائد يقابله الخرز الزائد فإن هذا ليس فيه شيء محرم، وإنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن تفصل للمعرفة، وقد ثبت المعرفة، فإذا بيع المختلط بما هو منفرد، وكان المنفرد متميزا وأكثر من المختلط فهذا جائز وليس فيه حيلة على الربا، وهذا القول هو الصحيح، وعليه فإذا كان الجنس منفردا فيجوز أن يباع بجنس مختلط بشرطين:
الأول: أن يكون المنفرد أكثر من المختلط.
الثاني: ألا يكون هذا حيلة على الربا.
قوله [ولا تمر بلا نوى بما فيه نوى]
لا يجوز أن يباع مائة صاع من التمر الذي أخرج نواه، بمائة صاع من التمر ذي النوى، وذلك لعدم التماثل، والشرط في البيع التماثل.
قوله [ويباع النوى بتمر فيه نوى]
النوى عندهم جنس ربوي لأنه يكال، فإذا باع نوى بتمر فيه نوى كأن يبيع مائة صاع من النوى بخمسة آصع من التمر الذي فيه نوى فذلك جائز، وذلك لأن النوى في السلعة الثانية ليس مقصودا، بل المقصود هو التمر، وهذا باتفاق العلماء، فإذا بيع ربوي بسلعة أخرى فيها ربوي من جنسه، وكان هذا الربوي الذي من جنسه ليس بمقصود في البيع فإن ذلك جائز.
إذن المسألة السابقة وهي بيع ربوي بربوي من جنسه ومعهما أو مع أحدهما شيء زائد، وهي مسألة مد عجوة، هذا إن كان الربوي في السلعتين مقصودا، أما إذا كان الربوي في السلعتين أو في أحدهما ليس بمقصود فإن ذلك جائز،ومثله بيع دار فيها شيء من الذهب بذهب، فالمقصود بالبيع هو الدار وليس الذهب، فهذا جائز باتفاق أهل العلم، واختار أيضا شيخ الإسلام وذكر أنه ظاهر المذهب بيع السيف المحلى بالذهب بذهب، وبيع السيف المحلى بالفضة بفضة، فإن الفضة في السيف وكذلك الذهب ليس بمقصود، بل المقصود هو السيف فيجوز ذلك.
قوله [ولبن وصوف بشاة ذات لبن وصوف]
اللبن ربوي، والصوف عندهم ربوي لأنه موزون، والصحيح ما تقدم أن العلة ليست هي الوزن، بل العلة هي الثمنية، فإذا باع لبنا وصوفا بشاة ذات لبن وصوف، فيجوز ذلك، لأن المقصود هو الشاة نفسها ليس اللبن ولا الصوف الذي عليها، وهذا باتفاق أهل العلم كما تقدم.
ـ[ابن خثلان]ــــــــ[12 - 11 - 09, 01:26 ص]ـ
شكرا لعبد الله بن أبي حسان
ـ[أبو معاذ الفقيه]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:00 ص]ـ
قديماً قالوا: من بركة العلم: نسبته لأهله!!!!!!!!!!!!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم علمنا ما ينفعنا