وقد أعل أئمة الحديث لفظة النعلين وأنقل كلام الزيلعي في نصب الراية للفائدة
قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 159): (قال الترمذي: حديث حسن صحيح وقال النسائي في " سننه الكبرى ": لا نعلم أحدا تابع أبا قيس على هذه الرواية والصحيح عن المغيرة أنه عليه السلام مسح على الخفين انتهى. ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الخامس والثلاثين من القسم الرابع وقال أبو داود في " سننه ": كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث لأن المعروف عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين قال: وروى أبو موسى الأشعري أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين وليس بالمتصل ولا بالقوي قال: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب. وأبي مسعود. والبراء بن عازب. وأنس بن مالك. وأبو أمامة. وسهل بن سعد. وعمرو بن حريث وروي ذلك عن عمر بن الخطاب. وابن عباس انتهى. وذكر البيهقي حديث المغيرة هذا وقال: إنه حديث منكر ضعفه سفيان الثوري. وعبد الرحمن بن مهدي. وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين ويروى عن جماعة أنهم فعلوه انتهى. قال النووي: كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي مع أن الجرح مقدم على التعديل قال: واتفق الحفاظ على تضعيفه ولا يقبل قول الترمذي: إنه حسن صحيح انتهى. وقال الشيخ تقي الدين في " الإمام ": أبو قيس الأودي اسمه " عبد الرحمن بن ثروان " احتج به البخاري في " صحيحه " وذكر البيهقي في " سننه " أن أبا محمد يحيى بن منصور قال: رأيت مسلم بن الحجاج ضعف هذا الخبر وقال: أبو قيس الأودي. وهذيل بن شرحبيل لا يحتملان وخصوصا مع مخالفتهما الأجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة فقالوا: مسح على الخفين وقال: لا نترك ظاهر القرآن بمثل أبي قيس. وهذيل قال: فذكرت هذه الحكاية عن مسلم لأبي العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي فسمعته يقول: سمعت علي بن محمد بن شيبان يقول: سمعت أبا قدامة السرخسي يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: قلت لسفيان الثوري: لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هذيل ما قبلته منك فقال سفيان: الحديث ضعيف ثم أسند البيهقي عن أحمد بن حنبل قال: ليس يروى هذا الحديث إلا من رواية أبي قيس الأودي. وأبى عبد الرحمن بن مهدي أن يحدث بهذا الحديث وقال: هو منكر وأسند البيهقي أيضا عن علي بن المديني قال: حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة. وأهل الكوفة وأهل البصرة ورواه هذيل بن شرحبيل عن المغيرة إلا أنه قال: ومسح على الجوربين فخالف الناس وأسند أيضا عن يحيى بن معين قال: الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس)
وينظر:البيهقي في السنن الكبرى (1/ 283) المجموع للنووي (1/ 500)
4 / ابن عباس رضي الله عنهما:
وقد أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 286) من طريق رواد عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ومسح على نعليه
وقال البيهقي: هكذا رواه رواد بن الجراح وهو ينفرد عن الثوري بمناكير هذا أحدها والثقات رووه عن الثوري دون هذه اللفظة وروي عن زيد بن الحباب عن الثوري هكذا وليس بمحفوظ.
ورواه عبدالرزاق في المصنف من طريق معمر عن زيد بن أسلم به (1/ 201)
فهذه أحاديث المسح على النعلين لايكاد يخلو إسناد منها من مقال وإذا قيل بصحة الحديث فيمكن الإجابة عنه بأجوبة ذكرها أهل العلم كابن القيم والزيلعي:
الأول: أن هذا محمول على طهارة النفل أي ليس رفعا لحدث وإنما هو طهارة على طهارة اختاره ابن حبان في صحيحه.
ويؤيده رواية أن عليا رضي الله عنه دعا بكوز من ماء ثم توضأ وضوءا خفيفا ومسح على نعليه ثم قال: هكذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للطاهر ما لم يحدث.
قال ابن حبان: (وهذا إنما كان في وضوء النفل ثم استدل عليه بحديث أخرجه عن النزال بن سبرة عن علي أنه توضأ ومسح برجليه وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعل كما فعلت وهذا وضوء من لم يحدث)
الجواب الثاني: قاله البيهقي: إن معنى مسح على نعليه أي غسلهما في النعل واستدل بحديث الصحيحين في النعال وأن ابن عيينة زاد فيه: ويمسح عليها ثم ساقه بسنده إلى سفيان عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن عبيد بن جريح قال: قيل لابن عمر: رأيناك تفعل شيئا لم نر أحدا يفعله غيرك قال: وما هو؟ قال: رأيناك تلبس النعال السبتية قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبسهما ويتوضأ ثم يمسح عليهما)
الجواب الثالث: قاله الطحاوي في " كتاب " شرح الآثار " وهو أنه مسح على النعلين والجوربين وكان مسحه على الجوربين هو الذي يطهر به ومسحه على النعلين فضلا.
1 - بحديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسح على جوربيه ونعليه) رواه ابن ماجه.
2 - وبحديث المغيرة بن شعبة السابق.
الجواب الرابع: أنه أراد أنه مسح على جوربيه ونعليه كما رواه عنه بعض الرواة مقيدا بالجوربين وأراد به جوربين منعلين ذكره ابن القيم في تهذيب مختصر السنن (1/ 141) وينظر كلام ابن القيم في ذاك الموضع فهو مفيد وجامع.
وينظر للفائدة: الاستذكار (1/ 227) صحيح ابن حبان (4/ 168) سنن البيهقي (1/ 285) شرح معاني الآثار (1/ 97) المسح على الجوربين للقاسمي.
والله الموفق