تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تطبيقات التأمين التعاوني:

طرح عدد من المهتمين بالاقتصاد الإسلامي عدة نماذج وتصورات للتأمين الإسلامي وتبنت جهات مالية إنشاء شركات تقوم بالتأمين من منظور إسلامي سُمّي أكثرها بالتعاوني وذلك في عدد من البلاد الإسلاميّة استفيد أكثرها من فكرة التأمين التعاوني لدى الغرب [51] إلا أن واقع هذه المؤسّسات ليس بالضرورة مطابقاً لمقصود المجامع العلميّة التي أفتت بإباحة التأمين التعاوني وإنما هو تطبيق لنظريته لدى الهيئة الشرعيّة المؤسّسة له.

فقد يكون منها ما هو فكرة مطورة للتأمين التعاوني ومنه ما يكون تأميناً تجاريَّاً بضوابط معينة أو حتى بصورته المعروفة [52].

ولذا صدر البيان المعروف من اللجنة الدائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء بالمملكة العربية السعوديَّة حيال بعض المؤسسات والشركات المتسمية بالتأمين التعاوني بأنها لا تمثل التأمين التعاوني التي أباحته هيئة كبار العلماء وإنما هو تأمين تجاري وتغيير اسمه لا يغير حقيقته [53].

والحقيقة أن المؤسسات القائمة بالتأمين والساعية لتصحيح وضعها ومطابقته للبديل الإسلامي تواجه أموراً صعبة من أبرزها إعادة التأمين [54] وهو أن تدفع شركة التأمين جزءاً من أقساط التأمين التي تحصل عليها من جمهور المستأمنين لشركة إعادة تأمين تضمن لها في مقابل ذلك جزءاً من الخسائر.

فإذا وقع الخطر المؤمن ضده لجأ المستأمن إلى شركة التأمين التي تدفع له ثم تطالب شركة إعادة التأمين بدفع جزء من التعويض حسب الاتفاق المبرم بينهما.

فتكون شركة التأمين المباشر كوسيط بين المستأمن وشركة إعادة التأمين وتعترف شركات التأمين الإسلامية بأنه لا قيام لها ولا ازدهار لصناعتها إلا بترتيبات إعادة التأمين [55] وشركات إعادة التأمين الضخمة جميعها تجارية وقد بدأت الآن شركات إعادة تأمين تتبنى المنهج الإسلامي فيه [56].

رابعاً: الإلزام بالتأمين:

من جملة ما طرح من أفكار في موضوع التأمين ما رآه الأستاذ محمد البهي حيث قرر حل التأمين بجميع أنواعه ورأى أنه يجب على الدولة الإلزام به لما فيه مصلحة.

أمَّا الدكتور محمد شوقي الفنجري فإن بعد أن قرر معارضته للتأمين التجاري وعدم شرعيته وأن التأمين التعاوني هو بديله المثالي قال: (ونرى لضمان نجاح التأمين التعاوني , في مثل ظروف المجتمعات العربيَّة والتي تعاني من عدم كفاية الوعي التأميني مع ترامي مساحاتها الشاسعة وارتفاع إمكانياتها الماليَّة؛ أن يكون التأمين إلزامياً في الأصل واختيارياً في الحالات التي يقررها.

وهو يكون إلزامياً بالنسبة للفئات التي يكثر لديها وقوع الخطر كأصحاب السيارات وأصحاب المصانع , وبالنسبة للحالات المؤكد وقوعها كالمرض والشيخوخة والوفاة .. ) [57].

ولي مع هذا الرأي وقفات:

1 - عقد التأمين عقد رضائي , والعقود في الشريعة الإسلامية أساسها التراضي بين طرفي العقد. قال تعالى http://www.tdwl.net/vb/images/smilies/frown.gif يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) (سورة النساء: 29).

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في حجة الوداع فقال: (لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه من طيب نفس) [58].

وقد اتفق جمهور أهل العلم على أن من أُكره على قول أو عقد لم يترتب عليه حكم من الأحكام وكان لغواً [59].

وإذا ألزم أحد بعقد فات شرط التراضي فانعدمت الصِّحَة فيه. والتأمين التعاوني أساسه التبرع ولا يُتَصَوَّر تبرع من مُكْرَه!.

مع أنه قد يصح تخريج ذلك بالنسبة للتأمين التجاري عند القائل به على نزع ملكية العقارات للصالح العام والتسعير وإلزام المحتكر على البيع بسعر المثل وإلزام أرباب المهن على العمل بأجرة المثل إذا امتنعوا عن العمل إلا بأُجور فاحشة والناس بحاجة إلى منافعهم

إلا أن القول بهذا يحتاج إلى إثبات أن الحاجة إلى هذا النوع من التعاقد ضرورة عامة يصح أن تكون سبباً لإلغاء أساس العقود الذي هو الرضا من طرفيه.

وأن هذا العقد فعلاً سبب لرفع هذه الضرورة.

ثم إن صح هذا في التأمين التجاري وقد تقدم بيان حكمه فلا يصح في التعاوني الذي تقدَّم أن أساسه التبرع والمسامحة ولا يتصور تبرع إلا برضا البَاذِل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير