تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلينا أن ننتبه إلى أمرين ولا نخلط بينهما، الشهوة و استحسان المظهر، فالشهوة وقد علمنا معناها، وأما استحسان المظهر والعجب فيه فلا يشترط حصول الشهوة به، والعكس صحيح، فكل مشتهي مستحسن، وليس كل مستحسن مشتهي.

ويجب التنبه إلى مسألة أخرى، وهو أن الشهوة لا يلزم منها انتشار (كما عرَّفته أنت) أو نزول شي معه من مذي ونحوه، وكذلك فإن النظر إلى النساء المتبرجات ليس محرماً بقيد (الانتشار) أو نزول شيء من المذي أو غيره، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في بيان حق الطريق: (غَضّ الْبَصَرِ، وَكَفّ الأذَى وَرَدّ السّلاَمِ، وَالأمْرُ بالمَعْرُوفِ وَالنّهْيُ عنِ المُنْكَرِ.) ولغيرها من الأحاديث والآيات الدالة على هذا الأمر، وكلها غير مقيدة بإنزال أو انتشار كما هو واضح ومعلوم.

فمعنى التلذذ بالنظر أي التلذذ بالعين والقلب والجوارح كلها مجتمعه، فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا. أدرك ذلك لا محالة. فزنى العينين النظر. وزنى اللسان النطق. والنفس تمنى وتشتهي. والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) رواه مسلم.

قال النووي في شرحه لهذا الحديث:

وفي الرواية الثانية (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا , مدرك ذلك لا محالة ; فالعينان زناهما النظر , والأذنان زناهما الاستماع , واللسان زناه الكلام , واليد زناها البطش , والرجل زناها الخطى , والقلب يهوى ويتمنى , ويصدق ذلك الفرج ويكذبه) معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا , فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام , ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله , أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده , أو يقبلها , أو بالمشي بالرجل إلى الزنا , أو النظر , أو اللمس , أو الحديث الحرام مع أجنبية , ونحو ذلك , أو بالفكر بالقلب. فكل هذه أنواع من الزنا المجازي , والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه. معناه أنه قد يحقق الزنا بالفرج , وقد لا يحققه بألا يولج الفرج في الفرج , وإن قارب ذلك. والله أعلم. انتهى.

وانتبه إلى قوله في الرواية الأخرى: ( ... والقلب يهوى ويتمنى ... ) والرواية الأولى: ( ... والنفس تمنى وتشتهي ... )، فيتبين لك أن محل الشهوة الأساسي هو القلب غير العين الذي هو مبدأ وشعلة الشهوة التي في القلب، ليقدم بعد ذلك ضعاف النفوس على الفرج وهو المحل الأخير في قضاء الشهوة، التي تزيد وتنقص عند الناس بتفاوت قوتهم وملكة أنفسهم، ففي حديث عائشة رضي الله عنها تبين هذا المعنى حينما سئلت عن جماع المرأة الحائض: (كانت إحدانا إذا كانت حائضا أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتزر في فور حيضتها ثم يباشرها، قالت: وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه) رواه مسلم والبخاري.

والله أعلم.

ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[15 - 06 - 09, 09:21 ص]ـ

الفاضل /بو عبد الرحمن

جزاك الله خير الجزاء على ما أفدت، فبارك الله فيك! ّ

ولي بي بعض التعقيبات:

- قولكم: (( ... وهو أن الشهوة لا يلزم منها انتشار (كما عرَّفته أنت) أو نزول شي معه من مذي ونحوه)).

أقول: أنا ما عرفت الشهوة بالانتشار، بل قلت: تحرك هرمونات النكاح في الجسم بما يعقبه انتشار، ثم إني أوردت هذا على جهة الاستفهام، لا التقرير.

ولا ريب أن تحرك تحرك هذه الهرمونات هو من الرغبة - التي أشرت أنت إلبها- وقد يعقبه انتشار أو إنزال وقد لا يعقبه.

- ولكي ندرك أن ذلك داخل في معنى الشهوة، فلنستحضر حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، فقد حمله جمع من أهل العلم على مسه بشهوة، فهل يمكن أن يُفهم هذا بعيدا عن تحرك هذه الهرمونات وما يعقبه من انتشار؟

- قولكم: ((فمعنى التلذذ بالنظر أي التلذذ بالعين والقلب والجوارح كلها مجتمعه))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير