سأعيد رفعه , مع التعليق على كلام الشيخ عبد الكريم اللاحم ـ حفظه الله ـ.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[22 - 06 - 09, 02:31 ص]ـ
بدايةً أشكر لك صنيعك ومابذلته من جهد في إعدادك هذا البحث ..
---
وقد أخذ مني بحثك وقتا لتَأَمُّلِه ..
فأرجو أن يأخذ ردي منك وقتًا لتَتَأَمَّلَه ..
وسَيبِينُ لك المرادُ بإذن الله ..
---
ذكرتَ بدءًا في بحثك أن مراد الحجاوي تقرير مكان اللزوم لامايلزم ..
وذلك بقولك:
(هل يلزم المقترضَ أن يسلم المقرض القيمة في بلد الطلب بقيمة بلد القرض أم لا؟
هذه هي الصورة التي سببت الإشكال.
فالحجاوي في الزاد يتكلم عن مسألة اللزوم في البلد الآخر، ولايقصد مسألة ماالذي يلزمه من قيمة أو بدل)
ثم شرحتَ كلام الحجاوي بما يلي:
((وفيما) إذا أقرضه ما (لحمله مؤونة) فطالبه بها ببلد آخر لزمته (قيمته) بالبلد الآخر أي بلد الطلب (إن لم تكن) قيمته (ببلد القرض أنقص)
فإن كانت قيمته ببلد القرض أنقص لم تلزمه قيمته ببلد الطلب، وإنما تلزمه قيمته ببلد القرض.
وبتعبير آخر:
إذا كانت قيمته ببلد القرض أكثر من قيمته ببلد الطلب أو مساوية لها لم تلزمه القيمة ببلد الطلب.
وهنا نخرج عن هذه المسألة، فنقول مالذي يلزمه؟
فالجواب:
يلزمه المثل لاالقيمة، وهذا الذي لم يذكره الحجاوي في الزاد)
---
أقول:
قال الحجاوي رحمه الله: (وفيما لحمله مؤنة قيمته إن لم تكن ببلد القرض أنقص)
الخلاف بيننا حسب ماتفضلتَ به أخي الفاضل منحصرٌ في قوله: (قيمته) وفي (أنقص)
فإن كان الحجاوي يريد بيان مكان لزوم الأداء فسيكون سياق كلامه هكذا:
(وفيما لحمله مؤنة قيمته ببلد الطلب إن لم تكن ببلد القرض أنقص)
وإن كان رحمه الله يريد بيان مايلزم المقترض فسيكون سياق كلامه هكذا:
(وفيما لحمله مؤنة قيمته ببلد القرض إن لم تكن ببلد القرض أنقص)
فإذا حملناه على الأول استقام كلام الحجاوي على السياق السالف ..
وإن حملناه على الثاني تعين أن يكون السياق السالف خاطئا ويكون صواب العبارة هكذا:
(وفيما لحمله مؤنة قيمته ببلد القرض إن لم تكن ببلد القرض أكثر)
---
فالخلاف بصورة أدق في متعلق الباء من قولنا: (ببلد)
هل هو قيمة القرض؟ أم مكان أدائه؟
---
أقول والله تعالى أعلم:
لابد أن نعلم:
1 - أنه يجب على المقترض أداء بدل القرض للمقرض ..
سواءٌ طالب المقرضُ المقترضَ الأداء في بلد القرض أو غيره. وهذا أمر واضح.
2 - أنَّ على المقترض أداءُ بدل القرض للمقترض في بلد المطالبة، لاتفاقهما على ذلك ..
فإن كان القرض أثمانا أدى بدلها في بلد المطالبة ..
وإن كان القرض مما لحمله مؤنة فيُنظر:
إن كان أداء بدل القرض في بلد المطالبة غيرَ جالبٍ الضررَ على المقترض لزمه أداء البدل ..
كما لو كان القرض 50 صاع شعير وكانت قيمتها في:
أ- بلد القرض (100ريال) وفي بلد الطلب (100ريال) [القيمة في بلد القرض مساوية للقيمة في بلد المطالبة]
ب-بلد القرض (120 ريال) وفي بلد الطلب (100 ريال) [القيمة في بلد القرض أكثر من القيمة في بلد المطالبة]
فإنه في الحالتين يلزم المقترض أن يشتري 50 صاعًا من الشعير في بلد الطلب ويؤديها للمقرض إذ لاضرر عليه في ذلك، فإنه لم يحملها ولم يدفع زيادة على القرض ..
و إن كان أداء بدل القرض في بلد المطالبة جالبًا للضررِ على المقترض لزمه أداء قيمة البدل ..
وذلك فيما لو كانت قيمة 50 صاعًا من الشعير في بلد القرض (100ريال) وفي بلد الطلب (120ريال) [القيمة في بلد القرض أنقص من القيمة في بلد المطالبة]
فإنه في هذه الحالة يلزم المقترض أن يؤدي للمقرض 100 ريال في بلد الطلب ويسقط عنه أداء 50صاعًا من الشعير، لأنه إن اشتراها في بلد القرض والتي هي القيمة الأنقص تحمل ضررَ حملها، وإن اشتراها في بلد الطلب تحمل ضرر القيمة الزائدة.
وأنت جعلت عبارة الحجاوي منصبةً على مكان اللزوم، فيلزم من قولك أن يكون أداءُ القرض في بعض الحالات في غير بلد الطلب، وهذا ليس بصحيح ..
---
والآن تحرر لدينا أن البحث في المسألة لايكون عن مكان الأداء، إذ على جميع الأحوال يجب على المقترض الأداء في بلد المطالبة ..
فتعيّن ان يكون البحث عما يجب على المقترض أداؤه.
ولذلك كان الصواب في عبارة الحجاوي أن يكون سياقها كالآتي:
(وفيما لحمله مؤنة قيمته [ببلد القرض] إن لم تكن ببلد القرض أكثر)
فالباء في (ببلد) ليس المراد بها مكان اللزوم، بل مكان القيمة التي تراعى قلة وكثرة ليتبيّن لنا بعد النظر هل يجب بدل القرض أو قيمة البدل ..
ومما يُجلِّي هذا لك أخي المبارك أن الشيخَ ابنَ قاسم رحمه الله مع مخالفته للشيخ منصور لم يتعقبه في قوله (ببلد القرض) بل سار معه فيها ..
ولذا أجد أن الشيخ ابن قاسم قرأ عبارة الحجاوي هكذا:
(وفيما لحمله مؤونة قيمته إن كانت ببلد القرض أنقص)
وإذا سرت مع حواشيه تبين لك هذا ..
والآن وبعد أن تحررت لك صورة المسألة عُد إلى قراءة تلك النقولات التي سقتها من كتب مذهبنا وستجدها سائرةً مع هذا التقرير متطابقة معه تطابق النعل بالنعل ..
والله تعالى أعلم ..
¥