" (ومن طولب) من مقترض وغيره، أي: طالبه رب دينه (ببذل قرض) أو ثمن في ذمة (أو) طولب ببدل (غصب ببلد آخر) غير بلد قرض وغصب (لزمه) أي: المدين أو الغاصب رد البدل، لتمكنه من قضاء الحق بلا ضرر (إلا ما لحمله مؤنة) كحديد وقطن وبر (وقيمته ببلد القرض) أو الغصب (أنقص) من قيمته ببلد الطلب (فلا يلزمه إلا قيمته بها) أي: بلد القرض أو الغصب؛ لأنه لا يلزمه حمل إلى بلد الطلب، فيصير كالمتعذر، وإذا تعذر المثل تعينت القيمة، واعتبرت ببلد القرض أو الغصب؛ لأنه الذي يجب فيه التسليم، و (لا) يلزم مقترضا أو غاصبا بذل (المثل، ولا) بذل (القيمة بمحل طلب) وعلم منه: أنه إن طولب بعين الغصب بغير بلده؛ لم يلزمه، وكذا لو طولب بأمانة أو عارية ونحوها بغير بلدها؛ لأنه لا يلزمه حملها إليه (ومع تساو) أي: بأن كانت قيمته ببلد القرض أو الغصب مساوية لبلد الطلب (أو أكثر؛ لزم) مقترضًا وغاصبًا دفع (المثل) ببلد الطلب؛ لما سبق" اهـ.
وقال العلامة منصور في عمدة الطالب مع شرح العلامة عثمان في هداية الراغب 2/ 486:
"وإن طولب ببدل قرض ونحوه ببلد آخر لزم" المدين دفع ذلك لتمكنه من أداء الحق بلا ضرر"إلا ما لحمله مؤونة"كحديد وقطن "فقيمته إن كانت" قيمته "ببلد قرض أنقص" منها ببلد الطلب، لأنه لا يلزمه حمله إلى بلد الطلب، فيصير كالمتعذر، وإذا تعذر المثل تعينت القيمة، واعتبرت ببلد قرض ونحوه لأنه الذي يجب فيه التسليم، فإن كانت قيمته ببلد قرض ونحوه مساوية لبلد الطلب أو أكثر لزمه دفع البدل ببلد الطلب لما سبق. اهـ.
فهذه أقوال جملة من المحققين تؤيد ما ذهب إليه العلامة منصور البهوتي، وهو ظاهر لمن تأمل المسألة.
وبه يتبين خطأ ما ذهب إليه الشيخ ابن قاسم في حاشيته على الروض 5/ 48، حيث جزم بصواب الحجاوي وتخطئة البهوتي، وزعم أنه لا فائدة من تصويب البهوتي، فقال:
"لا ريب أنه سهو من الشارح رحمه الله، فإن الصواب: أنقص. كما ذكر الماتن. بل لو كان كما ذكر لما كان هناك فائدة، لأنه يصير إذا كانت القيمة في بلد القرض أنقص لم تجب القيمة في بلد الطلب، والأمر بالعكس كما عرفت".
وهذه غفلة من المحشي –غفر الله له- وكأنه نقل ذلك عن العنقري أو ابن فيروز، مع سهو منه، فقلب المعنى.
والشيخ ابن قاسم -رحمه الله تعالى- ينقل عن ابن فيروز بكثرة ولايعزو إليه، وأحيانًا يختصر من الكلام، فيخل بالمقصود.
ولعل هذه المسألة من هذا الباب.
فقارن بين كلامه وكلام ابن فيروز فإنه قال في حاشيته كما سبق النقل عنه:
"وذلك لأنه لو كان كما ذكر؛ لما كان هناك فائدة، لأنه يصير المعنى:
أنه إذا كانت القيمة في بلد القرض أنقص لم تجب فيها. والأمر بالعكس".
فانظر إلى تطابق المقدمتين بالحرف، واختلافهما في النتيجة!
وكلام ابن فيروز هو الصواب بلا مرية.
ونحو مما فعل ابن قاسم فعل الشيخ سليمان بن حمدان في رسالته"ملاحظاتي حال مطالعاتي"، فجزم بخطأ البهوتي، وزعم أنه ظاهر جدًّا لمن تأمل.
ولو تأمل هو جيدًا، لبان له صحة كلام الشيخ منصور!
و قد وافقهما طائفة من الشراح المعاصرين، وذهبوا إلى تصويب عبارة الحجاوي رحمه الله تعالى.
وعندي أن كلام البهوتي لا غبار عليه، وأن مخالفه لو تصور المسألة جيدًا لما خطّأه، وأن هذا سبق قلم من العلامة الحجاوي، وكلامه في الإقناع وكلام غيره من الأصحاب ظاهر في ذلك.
والله تعالى أعلم.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[مصطفى بن الساعي]ــــــــ[31 - 07 - 09, 07:30 م]ـ
وفقكم الله لما هو خير
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[01 - 08 - 09, 03:51 ص]ـ
ذكر الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله أنه لقي الشيخ سليمان بن حمدان رحمه الله في الحرم المكي، وأنه باحثه في هذه المسألة، ثم قال:
(قوله: (أنقص) ليس على إطلاقه، والصواب التفصيل كما في الإنصاف)
انظر مقدمة تحقيقه لكتاب الشيخ سليمان بن حمدان: (هداية الأريب الأمجد) في مبحث: [صلتي بالمؤلف]