ـ[عبد الوهاب الأثري]ــــــــ[30 - 06 - 09, 04:20 ص]ـ
الأخ إبراهيم الجزائري جزاك الله خيرا على إنعاش الموضوع.
قولك: كان الإمام مالك - رحمه الله - لا يفرق بين تراجعاته وأن تحكى عنه في المسألة قولان.
1 - حبذا لو أسندت هذه المعلومة.
2 - أما الفرق فلا أظن أحدا يخالف في أن بينهما فرقا, وإنما الخلاف في مسألة هل ما قاله المجتهد آخرا يعد رجوعا عما قاله أولا؟ أم لا؟
قال القرافي في الذخيرة: وإذا نقل عن مجتهد قولان فإن كانا موضعين وعلم التاريخ عُدَّ الثاني رجوعا عن الأول, وإن لم يعلم, حكي عنه القولان, ولا يحكم عليه برجوع. انتهى.
فانظر كيف فرق القرافي بين الحالتين في مسألة إذا نقل عن المجتهد قولان:
الحالة الأولى: يعلم المتأخر منهما, فيحكم فيها بالرجوع.
الحالة الثانية: لا يعلم المتأخر منهما, فلا يحكم فيها بالرجوع.
3 - إذا كان العالم يقول في مسألة بالإباحة, ثم إنه قال بعد ذلك بالتحريم, وقال: إنه رجع عن القول بالإباحة, فهل يصح أن نحكي عن ذلك العالم القولين, دون الإشارة إلى أنه رجع عن أحدهما؟!!
أما المالكية فقد ذكروا عن الإمام مالك أقوالا, فنجدهم في مسائل ينصون على رجوع الإمام, وفي مسائل أخرى لا ينصون على رجوعه, وهذا دليل على تفريقهم بين الموضعين. فمن الأول مثلا ما حكاه أصحابه عنه: أنه كان يقول بوجوب الترتيب في الوضوء, وأن الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة, وكذلك وجوب الدم على من ترك الرمل في الطواف, فهذه من الأمثلة إذا ذكروها, حكوا رجوعه عنها, وأما أمثلة الثاني فهي كثيرة جدا جدا.
هذا من جهة تفريق المالكية بين تراجعات إمامهم, وبين ما نقلوه عنه من أقوال لم يذكروا فيها رجوعه.
أما مسألتنا, وهي أن ما قاله العالم آخرا قد لا يدل على رجوعه عما قاله أولا (هذا كما أوضحت من النقول السابقة عن الحنابلة, وهي مسألة خلافية عندهم وعند غيرهم) , أزيد الأمر وضوحا بهذا النقل عن الزركشي في البحر المحيط حيث قال:
الثانية: (أي من حالات النقل عن مجتهد في مسألة واحدة قولان متنافيان) أن يكون في موضعين بأن ينص في موضع على إباحة شيء وفي آخر على تحريمه فإما أن يعلم المتأخر منهما فهو مذهبه ويكون الأول مرجوعا عنه ويجعل الأول كالمنسوخ فلا يكون الأول قولا له قاله الماوردي والقاضي أبو الطيب وصححه الشيخ أبو إسحاق وابن السمعاني وذهب بعض الأصحاب إلى أنه لا بد أن ينص على الرجوع فلو لم ينص في الجديد الرجوع عن القديم لم يكن رجوعا حكاه الشيخ وكذا الرافعي في باب صفة الأئمة عن الصيدلاني أن أصحابنا اختلفوا في نص الشافعي إذا خالف الآخر الأول هل يكون الآخر رجوعا عن الأول أم لا على وجهين أحدهما أنه لا يكون رجوعا لأنه قد ينص في موضع واحد على قولين فيجوز أن يذكرهما متعاقبين والثاني يكون رجوعا ولم يرجح الرافعي شيئا والحاصل أنه لو صرح بالرجوع عن الأول فليس الأول مذهبا به (هكذا لعل صوابه " له ") قطعا وإن لم يصرح فوجهان والراجح أنه رجوع إلا في مسائل مستثناة عند الأصحاب لقيام دليل على القول به قال سليم: ويكون إضافة القديم إليه على معنى أنه قاله في وقت لا على وجه بينه وبين القول الآخر كما يقال مثله في إضافة الروايتين إلى أبي حنيفة ومالك وغيرهما قلت (القائل الزركشي) وقد صح عن الشافعي أنه قال لا أحل لأحد أن يروي عني الكتاب القديم وهذا تصريح بالرجوع عما فيه. انتهى.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[30 - 06 - 09, 06:09 ص]ـ
بارك الله فيكم
سمعناها من المشايخ، وسأحاول إثباتها
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[02 - 07 - 09, 03:37 م]ـ
وقد ذكر تلميذ الشيخ ابن عثيمين خالد المصلح: عن شيخه ابن عثيمين أنه كان لا يعد الإفتاء بقول مخالف للقول القديم رجوعا بل كان يعتبر أن له قولين في المسألة،ويقول:إن المفتي لا يوصف بأنه رجع عن قوله إلا إذا صرح بالرجوع تصريحا ظاهرا.
وانظر هذا الرابط: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39430.
ـ أقول بحمد الله تعالى:
ـ في فتاوي نور على الدرب: بارك الله فيكم هذا السائل المهندس أبو محمد س. م. من إيران طهران بعث برسالة يقول في سؤاله الأول فيها نقرأ في بعض الكتب أن لأحمد بن حنبل في المسألة الفلانية قولين أو ثلاثة فلا أدري هل يعني ذلك أن هذه الأقوال هي عدة آراء رآها الإمام أحمد ولم يترجح عنده أحدها أم أنها آراء قد نسخ اللاحق منها السابق أم ماذا نرجو بيان ذلك؟
الجواب
الشيخ: بيان ذلك أن العلماء الكبار المجتهدين قد تختلف اجتهاداتهم من آنٍ إلى آخر بحسب ما يبلغهم من العلم والإنسان بشر وطاقةٌ محدودة قد يكون عنده في هذا الوقت علمٌ ثم يتبين له أن الأمر بخلافه في وقتٍ آخر إما بسبب البحث ومراجعة الكتب وإما بالمناقشة فإن الإنسان قد يركن إلى قولٍ من الأقوال ولا يظن أن هناك معارض له ثم بالمناقشة معه يتبين له أن الصواب في خلافه فيرجع والحاصل أن الإمام أحمد إذا روي عنده في مسألةٍ أقوال متعددة فإن معنى ذلك أنه رحمه الله يتطلع في القول الثاني على أمرٍ لم يطلع عليه في الأمر الأول فيقول به ثم هل نقول إن هذه الآراء باقية أو نقول إن آخرها نسخ أولها؟ نقول إن هذه الآراء باقية وذلك لأن هذه الآراء صادرةٌ عن اجتهاد والاجتهاد لا ينقل باجتهادٍ مثله فقد يكون الصواب في قوله الأول مثلاً فتبقى هذه الأقوال اللهم إلا إذا صرح برجوعه عن القول الأول مثل قوله رحمه الله كنت أقول بطلاق السكران حتى تبينته فتبينت أنني إذا قلت بوقوع الطلاق أتيت خصلتين حرمتها على زوجها الأول وأحللتها إلى زوجٍ آخر وإذا قلت وإذا قلت بعدم الطلاق أتيت خصلةً واحدة أحللتها للزوج الأول فهذا صريحٌ في أنه رجع عن القول الأول فيؤخذ بالقول الثاني أما إذا لم يصرح فإن القولين كلاهما ينسب إليه ولا يكون الثاني ناسخاً وربما يقال إنه إذا أيد القول الثاني بنص واستدل له فإنه يعتبر رجوعاً عن القول الأول لأن النص واجب الإتباع فإذا قيل بهذا فله وجه وحينئذٍ يكون قوله الثاني هو مذهبه والله أعلم. انتهى.
¥