تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال التهانوي: [وعلى هذا فلا يصح إيراد ابن حزم على أبي حنيفة، وكل ما ذكره ردٌ عليه فافهم، وفي البدائع في باب اشتراك سبعة في بدنة الأضحية ما نصه: ولو أرادوا القربة بالأضحية أو غيرها من القرب أجزأهم، سواء كانت واجبة أو تطوعاً، لأن المقصود من الكل التقرب إلى الله تعالى، وكذلك إن أراد بعضهم العقيقة عن ولدٍ وُلد له من قبل، لأن ذلك جهة التقرب إلى الله عز شأنه بالشكر على ما أنعم عليه من الولد.كذا ذكره محمد رحمه الله في نوادر الضحايا، ولم يذكر الوليمة، وينبغي أن يجوز، لأنها إنما تقام شكراً لله تعالى على نعمة النكاح، وقد وردت السنة بذلك عن رسول الله ? فقال: (أولم ولو بشاة) فإذا قصد بها الشكر وإقامة السنة فقد أراد بها التقرب إلى الله عز وجل. أ. هـ ملخصاً. وهو صريح في كون العقيقة قربة كالوليمة، فمن عزا إلى أبي حنيفة أنه قال: هي بدعة لا يلتفت إليه، نعم أنكر أبو حنيفة كونها إراقة دم بالشرع تعبداً كالأضحية، ولم ينكر كونها قربة بقصد الشكر على نعمة الولد فإنها تكون إذاً كالوليمة تقام شكراً لله تعالى على نعمة النكاح، فافهم].

وينبغي أن يعلم أن الذي عليه العمل عند الحنفية الآن هو استحباب العقيقة قال التهانوي: [وليعلم أن عمل الحنفية اليوم على استحبابها عملاً بما في شرح الطحاوي والأمر واسع لما فيه من الاختلاف، فتدبر].

وقال أيضاً: [هذا وإنما أخذ أصحابنا الحنفية في ذلك بقول الجمهور وقالوا باستحباب العقيقة لما قال ابن المنذر وغيره: إن الدليل عليه الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وعن الصحابة والتابعين بعده، قالوا: وهو أمر معمول به في الحجاز قديماً وحديثاً. قال: وذكر مالك في الموطأ: أنه الأمر الذي لا اختلاف فيه عندهم قال: وقال يحيى بن سعيد الأنصاري التابعي، أدركت الناس وما يدعون العقيقة عن الغلام والجارية. وممن كان يرى العقيقة ابن عمر وابن عباس وعائشة وبريدة الأسلمي والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعطاء والزهري وآخرون من أهل العلم يكثر عددهم قال: وانتشر عمل ذلك في عامة بلدان المسلمين أ. هـ شرح المهذب ملخصاً (8/ 447)، فزعموا أن الأمر كان مختلفاً فيه بين الصحابة والتابعين ثم اتفق جمهور العلماء وعامة المسلمين على استحبابه، فأخذوا به وأفتوا بالاستحباب، ووافقوا الجمهور، وإن كان قول الإمام قوياً من حيث الدليل كما ذكرنا، ولكن خلافه هو القول المنصور والله تعالى أعلم بما في الصدور].

القول الرابع: تجب العقيقة في الأيام السبع الأولى من الولادة فإن فاتت لم تجب بعد السبع وهو قول الليث بن سعد كما حكاه عنه الحافظ ابن عبد البر حيث قال: [وقال الليث بن سعد: يعق عن المولود في أيام سابعه، في أيها شاء، فإن لم تتهيأ لهم العقيقة في سابعه فلا بأس أن يعق عنه بعد ذلك وليس بواجب أن يعق عنه بعد سبعة أيام، وكان الليث يذهب إلى أنها واجبة في السبعة الأيام].

القول الخامس: العقيقة عن الغلام فقط دون الجارية فلا يعق عنها، وبه قال الحسن البصري على سبيل الوجوب كما حكاه عنه ابن عبد البر وهو قول قتادة كما حكاه ابن المنذر عنهما، وحكاه ابن حزم عن محمد بن سيرين وأبي وائل شقيق بن سلمة، حيث نقل ابن حزم عن ابن سيرين أنه كان لا يرى على الجارية عقيقة وعن أبي وائل قال: لا يعق عن الجارية ولا كرامة.

الأدلة:

أدلة القول الأول: احتج الجمهور على أن العقيقة سنة بما يلي:

1. عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى).

2. وعن سَمُرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويُسمَّى).

3. وعن أم كُرْز الكعبية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة).

4. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عق عن الحسن والحسين.

5. وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمرهم عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة.

وجه الاحتجاج بهذه الأحاديث:

قال الجمهور إن هذه الأحاديث تدل على أن العقيقة سنة مستحبة أكدها النبي? بقوله وفعله، حيث إنه قد عق الحسن والحسين رضي الله عنهما.

وقالوا أيضاً إن الأمر في حديث عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمرهم …) مصروف عن الوجوب إلى الندب ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم جعلها لرغبة المسلم واختياره، وما كان سبيله كذلك لا يكون واجباً، فقد جاء في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن العقيقة فقال: (لا يحب الله العقوق) كأنه كره الاسم وقال: (من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك).

وقالوا أيضاً إنها لو كانت واجبة لكان وجوبها معلوماً من الدين لأن ذلك مما تدعو الحاجة إليه، وتعم به البلوى فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبين وجوبها للأمة بياناً عاماً كافياً تقوم به الحجة، وينقطع معه العذر.

6. واحتجوا أيضاً بالإجماع على أنها سنة، قال ابن قدامة: [والإجماع، قال أبو الزناد: العقيقة من أمر الناس كانوا يكرهون تركه]، وقول أبي الزناد من أمر الناس تفيد أن العقيقة متروكة لرغبتهم لم يوجبها الشارع ولو كانت واجبة لما تركوها كما أن ترك الواجب يكون حراماً وليس مكروهاً فقط.

7. وقالوا إنها ذبيحة لسرور حادث فلم تكن واجبة كالوليمة والنقيعة.

8. وقالوا أيضاً فعله لها لا يدل على الوجوب إنما يدل على الاستحباب.

9. وقالوا إنها إراقة دم من غير جناية ولا نذر فلم تجب كالأضحية.

أدلة القول الثاني: واحتج الظاهرية ومن وافقهم على أنها واجبة بما يلي:

1. حديث سلمان بن عامر الضبي السابق وفيه: (مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً).

2. وحديث أم كُرْز السابق وفيه: (وعن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة).

3. وحديث سَمُرة السابق وفيه: (كل غلام رهينة بعقيقته

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير