تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ليس في الحديث ما يُفهم منه على وجه التحديد هل القائل له (أصبحت أصبحت) رجل واحد أم جماعة من الرجال كل منهم يقول له (أصبحت)، والظاهر على هذا اللفظ، وعلى ما يتبادر إلى الأذهان أن القائل (أو القائلين) إنما يتعمد (أو يتعمدون) التكرار على مسامعه لأنه أعمى وليس سبيل إعلامه إلا السمع .. فيكون التكرار من باب التوكيد والاستيثاق، كما نص على ذلك بعض الشراح كما سيأتي .. وإلا فهذا التوجيه الذي تفضلتم به، ما الدليل عليه؟ فإني قد قلبت النظر فيما عندي من شروح الحديث فلم أجد قائلا به! [/ FONT][/RIGHT]

على أي الأحوال سأسوق بعون الله فيما يلي جمعا من النقولات من كلام الشراح لقوله (أصبحت أصبحت) للفائدة .. وحتى يتبين أخونا الحبيب المفضال أن الإشكال ههنا ليس بالهين، وأن الراجح عند التأمل أن ابن أم مكتوم لم يكن يؤذن إلا على أول بزوغ الفجر (كما هو متوقع من المؤذن المبصر ولا فرق)، وأنه كان له من الناس من يترصده له فيبلغه به إذا ما بزغ .. وأن المسارعة إليه بالتوكيد والتكرار في النداء (أصبحت أصبحت) إنما كانت لدوران كف الناس عن الطعام والشراب على سماعهم آذانه، إذ أنهم لا يرون بزوغ الفجر بأعينهم من حيث هم في بيوتهم يأكلون ويشربون، فكانت المسارعة بذلك عند أول بزوغ الفجر الصادق من باب حرص الصحابة على ألا يبقى في الناس من يأكل أو يشرب وقد دخل الوقت، وتبينه الناظر المترصد له بعيني رأسه ..

هذا – والله أعلم - أقرب وأوفق الأقوال خروجا من الإشكال وجمعا بين الحديث والإجماع على عدم مشروعية الأكل والشرب بعد تبين دخول الفجر في أول وقته، الذي حجته قوله تعالى ((حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)).)

قال ابن حجر في الفتح: "قوله أصبحت أصبحت أي دخلت في الصباح هذا ظاهره واستشكل لأنه جعل أذانه غاية للأكل فلو لم يؤذن حتى يدخل في الصباح للزم منه جواز الأكل بعد طلوع الفجر والإجماع على خلافه إلا من شذ كالأعمش وأجاب بن حبيب وبن عبد البر والأصيلى وجماعة من الشراح بأن المراد قاربت الصباح ويعكر على هذا الجواب أن في رواية الربيع التي قدمناها ولم يكن يؤذن حتى يقول له الناس حين ينظرون إلى بزوغ الفجر أذن وأبلغ من ذلك أن لفظ رواية المصنف التي في الصيام حتى يؤذن بن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر وإنما قلت إنه أبلغ لكون جميعه من كلام النبي صلى الله عليه و سلم وأيضا فقوله أن بلالا يؤذن بليل يشعر أن بن أم مكتوم بخلافه ولأنه لو كان قبل الصبح لم يكن بينه وبين بلال فرق لصدق أن كلا منهما أذن قبل الوقت وهذا الموضع عندي في غاية الإشكال وأقرب ما يقال فيه إن أذانه جعل علامة لتحريم الأكل والشرب وكأنه كان له من يراعى الوقت بحيث يكون أذانه مقارنا لابتداء طلوع الفجر وهو المراد بالبزوغ وعند أخذه في الأذان يعترض الفجر فى الأفق ثم ظهر لي أنه لا يلزم من كون المراد بقولهم أصبحت أي قاربت الصباح وقوع أذانه قبل الفجر لاحتمال أن يكون قولهم ذلك يقع في آخر جزء من الليل وأذانه يقع في أول جزء من طلوع الفجر وهذا وإن كان مستبعدا في العادة فليس بمستبعد من مؤذن النبي صلى الله عليه و سلم المؤيد بالملائكة فلا يشاركه فيه من لم يكن بتلك الصفة"

وقال المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 382):

" والظاهر أنه كان له من يراعي الوقت بحيث يكون أذانه مقارناً لابتداء طلوع الفجر، وعند أخذه في الأذان يعترض الفجر في الأفق، ولم يكن الصحابة يخفى عليهم الأكل في غير وقته، بل كانوا أحوط لدينهم من ذلك. وقيل: المعنى قاربت الصباح جداً، فإن قرب الشيء قد يعبر به عنه، كما في قوله تعالى: {فإذا بلغن أجلهن} أي قارين لأن العدة إذا تمت فلا رجعة، فلا يلزم وقوع أذان ابن أم مكتوم قبل الفجر ولا الأكل بعد طلوع الفجر، لاحتمال أن يكون قولهم ذلك يقع في آخر جزء من الليل، وأذانه يقع في أول جزء من طلوع الفجر، وهذا وإن كان مستبعداً في العادة فليس بمستبعد من مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤيد بالملائكة، فلا يشاركه فيه من لم يكن بتلك الصفة."

قال صاحب المنتقى في شرح الموطإ عند شرحه حديث (إن بلالا يؤذن بليل):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير