تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ ذَاهِلًا عَنْ قَصْد الِاسْتِخْفَاف، وَهَذَا تَفْصِيل جَيِّد يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحْضَر عِنْد شَرْح حَدِيث " لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِن ". وَقَالَ السُّبْكِيّ الْكَبِير: الْهَاجِس لَا يُؤَاخَذ بِهِ إِجْمَاعًا، وَالْخَاطِر وَهُوَ جَرَيَان ذَلِكَ الْهَاجِس وَحَدِيث النَّفْس لَا يُؤَاخَذ بِهِمَا لِلْحَدِيثِ الْمُشَار إِلَيْهِ، وَالْهَمّ وَهُوَ قَصْد فِعْل الْمَعْصِيَة مَعَ التَّرَدُّد لَا يُؤَاخَذ بِهِ الْحَدِيث الْبَاب، وَالْعَزْم - وَهُوَ قُوَّة ذَلِكَ الْقَصْد أَوْ الْجَزْم بِهِ وَرَفَعَ التَّرَدُّد - قَالَ الْمُحَقِّقُونَ يُؤَاخَذ بِهِ، وَقَالَ بَعْضهمْ لَا وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَهْل اللُّغَة: هَمَّ بِالشَّيْءِ عَزَمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يَكْفِي، قَالَ: وَمِنْ أَدِلَّة الْأَوَّل حَدِيث " إِذَا اِلْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا " الْحَدِيث، وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْل صَاحِبِهِ فَعُلِّلَ بِالْحِرْصِ، وَاحْتَجَّ بَعْضهمْ بِأَعْمَالِ الْقُلُوب وَلَا حُجَّة مَعَهُ لِأَنَّهَا عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا لَا يَتَعَلَّق بِفِعْلٍ خَارِجِيٍّ وَلَيْسَ الْبَحْث فِيهِ، وَالثَّانِي يَتَعَلَّق بِالْمُلْتَقِيَيْنِ عَزَمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى قَتْل صَاحِبِهِ وَاقْتَرَنَ بِعَزْمِهِ فِعْل بَعْض مَا عَزَمَ عَلَيْهِ وَهُوَ شَهْر السِّلَاح وَإِشَارَته بِهِ إِلَى الْآخَر فَهَذَا الْفِعْل يُؤَاخَذ بِهِ سَوَاء حَصَلَ الْقَتْل أَمْ لَا. اِنْتَهَى. وَلَا يَلْزَم مِنْ قَوْله " فَالْقَاتِل وَالْمَقْتُول فِي النَّار " أَنْ يَكُونَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَذَاب بِالِاتِّفَاقِ.

قَوْله (فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّه لَهُ سَيِّئَة وَاحِدَة)

فِي رِوَايَة الْأَعْرَج " فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِمِثْلِهَا " وَزَادَ مُسْلِم فِي حَدِيث أَبِي ذَرّ " فَجَزَاؤُهُ بِمِثْلِهَا أَوْ أَغْفِرُ " وَلَهُ فِي آخِر حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَوْ " يَمْحُوهَا " وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّه يَمْحُوهَا بِالْفَضْلِ أَوْ بِالتَّوْبَةِ أَوْ بِالِاسْتِغْفَارِ أَوْ بِعَمَلِ الْحَسَنَةِ الَّتِي تُكَفِّر السَّيِّئَة، وَالْأَوَّل أَشْبَهُ لِظَاهِرِ حَدِيث أَبِي ذَرّ، وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ اِدَّعَى أَنَّ الْكَبَائِر لَا تُغْفَرُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّأْكِيد بِقَوْلِهِ " وَاحِدَة " أَنَّ السَّيِّئَة لَا تُضَاعَف كَمَا تُضَاعَف الْحَسَنَة، وَهُوَ عَلَى وَفْق قَوْله تَعَالَى {فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} قَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام فِي أَمَالِيهِ: فَائِدَة التَّأْكِيد دَفْع تَوَهُّم مَنْ يَظُنّ أَنَّهُ إِذَا عَمِلَ السَّيِّئَة كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةُ الْعَمَلِ وَأُضِيفَتْ إِلَيْهَا سَيِّئَةُ الْهَمِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَدْ اِسْتَثْنَى بَعْض الْعُلَمَاء وُقُوع الْمَعْصِيَة فِي الْحَرَم الْمَكِّيِّ. قَالَ إِسْحَاق بْن مَنْصُور: قُلْت لِأَحْمَدَ هَلْ وَرَدَ فِي شَيْء مِنْ الْحَدِيث أَنَّ السَّيِّئَة تُكْتَب بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَة؟ قَالَ: لَا، مَا سَمِعْت إِلَّا بِمَكَّةَ لِتَعْظِيمِ الْبَلَد. وَالْجُمْهُور عَلَى التَّعْمِيم فِي الْأَزْمِنَة وَالْأَمْكِنَة لَكِنْ قَدْ يَتَفَاوَتُ بِالْعِظَمِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} لِأَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ تَعْظِيمًا لِحَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْ نِسَائِهِ يَقْتَضِي أَمْرًا زَائِدًا عَلَى الْفَاحِشَةِ وَهُوَ أَذَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَادَ مُسْلِمٌ بَعْد قَوْله " أَوْ يَمْحُوهَا ": " وَلَا يَهْلِك عَلَى اللَّه إِلَّا هَالِكٌ " أَيْ مَنْ أَصَرَّ عَلَى التَّجَرِّي عَلَى السَّيِّئَة عَزْمًا وَقَوْلًا وَفِعْلًا وَأَعْرَضَ عَنْ الْحَسَنَات هَمًّا وَقَوْلًا وَفِعْلًا، قَالَ اِبْن بَطَّال: فِي هَذَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير