تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومِن تهكمات المعري وهمزاته أنَّ صاحبه أبا القاسم المغربي المشهور في علم التاريخ والأدب بالوزيرِ المغربي اختَصَرَ في حداثةِ سنه كتاب (إصلاح المنطق) ليعقوب بن السكيت, وأهدى منه نسخة إلى صفيِّه المعري, وكانت بينهما أسبابٌ متينة العُرى, فكتب له المعري جواب الإهداءِ رسالةً مِن أبدع رسائله, وفيها نقدٌ لكتاب ابن السكيت على طريقة المعري الغريبة في سخريته العجيبة يقول فيها إن لم تخني الذاكرة: " وقد أكثر يغقوب من الاجتهاد, في إقامة الأشهاد - يعني الشواهد -, حتى ذكر رجز الضب, وإن مَعَدًّا مِن ذلك لجِدُّ مُغضَب, أعَلَى فصاحته يُستعانُ بالقرض, ويُستشهد بأحناش الأرض, ما رُؤبة عنده في نفير, فما قولك في ضبٍّ دامي الأظافير ... ".

وهذه الرسالة الرائعة مطبوعة مصححة فيما طبع (كامل الكيلاني) مع رسالة الغفران, فإن كانت عندك "2" فراجعها, فلعلَّ الحافظة لم تضبط ألفاظها, ومحل الشاهد فيها لموضوعنا وصفه الضبَّ بما كانت تصفه العرب مِن أنَّه (دامي الأظافير) , ولا سبب لذلك إلا حفره لجحره في الكدى الصلبة, وهذه كلها دلائل على فساد مثال النحاة إعراباً ومعنىً, ولا ننكر أنَّ بعض جحر الضباب تخرب, وقد خربت مدائن الرومان والفراعنة فضلا عن جحور الضباب, ولكنه "3" باردٌ جاف متخاذل خاذل لحافظه, إذ يوهمه خلاف الواقع, ومنه ومِن أمثاله خُذل المتأدبون بكتب النحو الذين قعدت بهم همتهم عن التأدب بلغة العرب مِن شعرهم وخطبهم, ولم يحصل واحد منهم ملكة صحيحة في هذه اللغة ولا ذوقاً صحيحاً في أدبها, والواجب في الأمثال أن تكون جملاً حكيمة ذات معانٍ مستقيمة وألفاظٍ قويمة حتى يحصل الحافظ لها فائدتين: الحكم اللفظي, والمعنى الذي يترك أثراً في النفس, ومِن مجموع هذه الأمثلة يتكون الأدب والأديب, وقد نعى ابن خلدون في زمنه هذا الذي نَعَيْنَاه, وانتقد مِن مزاولي النحو ما انتقدناه - وهو لعمري – نقد صحيح ما عليه غبار)) أ. هـ بنصه.


"1" كلمة عامية معناها: ثقيل الظل.
"2" هذا الكلام مأخوذ من رسالة أرسلها الشيخ إلى أحد تلاميذه وهو الأستاذ أحمد ابن أبي زيد قضيبة, فهو المعنيُّ بقوله: عندك, وعنوان الرسالة: رسالة الضب, وهي رسالة جميلة تتكلم عن جوانب عديدة تتعلق بالضب.
"3" أي العبارة: جحر ضب خرب.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[27 - 11 - 05, 12:01 م]ـ
نقل مفيد وموفق.
بارك الله فيك.

من الأمور المقررة عند النحاة الجر بالمجاورة,

الحق أن مسألة الجر بالمجاورة ليست متفقا عليها عند النحويين، بل هي قول لبعضهم.
وشاهدها - عند القائلين بها - ليس ذاك المثال ''الضبي''، وإنما بعض ما جاء في أشعار العرب، مثل قول الشاعر:
كان أبانا في أفانين ودقة ... كبيرُ أناس في بجاد مزملِ
فمزمل بالجر، وحقه الرفع، لأنه نعت لكبير.
قالوا: فلما جاور المخفوض وهو (بجاد) انخفض للجوار.
وللنحويين توجيهات أخرى غير القول بالجر للمجاورة، تنظر في مواطنها.

وفي مقصورة ابن دريد بيت مختومة بضب الكدى ولا أذكرها الآن وليس عندي ما أراجعها فيه

قال ابن دريد:
ما خلتُ أن الدهرَ يثنيني على ... ضراءَ لا يرضى بها ضبُّ الكُدى

يثنيني: يعطفني.

ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[27 - 11 - 05, 12:35 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا عصام على الإفادة

ألا ترى أن الأولى في هذا الباب الاقتصار على المسموع من العرب كما ذكر الشيخ؟ لأن فتح باب المجاورة يهدم قواعد اللغة كما ذكر؟

وفقك الله

ـ[عصام البشير]ــــــــ[27 - 11 - 05, 01:18 م]ـ
ألا ترى أن الأولى في هذا الباب الاقتصار على المسموع من العرب كما ذكر الشيخ؟ لأن فتح باب المجاورة يهدم قواعد اللغة كما ذكر؟

من أثبت جر الجوار من النحويين، اعترف مع ذلك بأنه - مثل الجر بالتوهم - نادر جدا، وقليل الاستعمال.
ونحن في هذه الأعصار المتأخرة ليس لنا إلا أن نسير على الجادة المعروفة، واللغات العربية الراجحة المشهورة.

لكن، هل نلجأ إلى مثل هذه المذاهب النحوية لتوجيه آية قرآنية - كما فعل بعضه العلماء في قراءة الجر من آية الوضوء - أو حديث نبوي أو بيت شعري قديم؟
لا أرى ما يمنع من ذلك على جهة الإجمال.
والله أعلم.

ـ[عبدالعزيز المغربي]ــــــــ[27 - 11 - 05, 05:42 م]ـ
بارك الله في الجميع، وأخص الشيخ عصام البشير

بين توجيه الجر في آية الوضوء والجر بالجوار فرق أوضحه في الواو الفاصلة، والجر بالجوار من الشاذ في اللغة، ففي الشعر ضرورة وفي غيره شاذ لا يقاس عليه

والله أعلم

ـ[أبو عبدالله الأثري]ــــــــ[27 - 11 - 05, 09:38 م]ـ
بارك الله فيكم

ـ[عبد الحميد المهاجر]ــــــــ[28 - 11 - 05, 07:28 م]ـ
بارك الله فيك أخي (أبو عبد الله الأثري) إذ أتحفتنا بهذه المسألة الرائعة من مسائل النحو و بهذا الأسلوب الجميل والذي ينم عن رسوخ قدمك في هذا الفن لا سيما عندما فرقت وفقك الله بين الجر بالمجاورة والجر بالتوهم، ثم توجت كلامك بهذه المقولة الرائعة والتي أحسبها من كلام بعض الحكماء المشهورين

(ووددت لو ذاكرتُ بعض نحاة العصر المفتونين بالمباحث اللفظية العقيمة في هذا التوجيه لأسمع رأيهم, وما عسى أن يأتوا به من حججٍ فارغة, وكم في كلام الفارغين من تسليةٍ للهمِّ وتزجيةٍ للوقت وترويحٍ للخواطر المكدودة, بشرط أن يكون السامع موفور الحظِّ مِن الصبر.) أ. هـ

والتي شغفت بها جداً وبت ليلتي تلك أرددها عسى ألا أنساها كي أتمثل بها في بعض مناقشاتي وعلى المستوى الأدبي الرفيع، كما وددت لو ختمت كلامك بخاتمة حسنة و كتبت لنا أسماء بعض العلماء المفتونين حتى نتجنبهم ونحذر منهم - أحسن الله إليك -

و لي ملحوظة وهي أنك - متع الله بك - لم تذكر هل المسألة نحوية أم لغوية حيث التبس علي بعض كلام فضيلتكم.

ولي كلام في إثبات المسألة إن شاء الله وتقرير كلام بعض مشائخنا فيها وعلى رأسهم الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى، لكن على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=41539

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير