نجم الأئمة الرضي ولقد أفرط في البعد من قال أن الناس من النسيان أيضا ولكن على القلب المكاني ودونه من يقول أصله نوس من ناس ينوس إذا تحرك والأقرب أنه من الأنس بالضم أو من الإيناس بمعنى الإبصار وأصله أناس فحذفت من الهمزة وعوض عنها الألف واللام ويعضده ظهورها في قوله:
إن المنايا يطلعن على الأناس الآمنينا
ظهور المعوض عنه في قوله " أقول يا أللهم يا أللهم ". وأما أثر ابن عباس رضي الله عنهما فذكر الفخر الجاربردي أنه لم يثبت، وأما قوله تعالى ? ولقد عهدنا إلى آدم فنسي? فإنما يدل على نسيانه بعد أن عهد إليه لا على تسميته إنسانا لنسيانه بعد أن عهد إليه ومضمون أثر ابن عباس رضي الله عنهما إنما هو الثاني دون الأول. و أما البيت فإنه لأبي تمام، وأبو تمام لا يحتج بشعره في الإشتقاق لما ذكر في شرح الهادي أنه لا يعرف مذهب الإشتقاق وإنما أصدر هذا على مذهب الشعر المخيلية ونقل عن الكامل ما للإشتقاق من النسيان أنه أنشد قول الآخر:
لإن نسيت عهودا كنت موثقها * فاغفر فأول ناس أول الناس
ليس فيه دلالة على مدعاة وإنما فيه أن أول من إعتراه النسيان آدم الذي هو أول البشر، فناس اسم فاعل من النسيان مثله في قوله تعالى: ? ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ? من قرأ شذوذا بكسر السين على إرادة الناسي، وأما الناس فمعلوم على أن ما ذكره الكوفيون وإتخذوه لهم مذهبا يستلزم الإعلال بحذف اللام في الإفراد وهو ظاهر وفي الجمع إذا قيل أناسي لأن ياءه الأخيرة مبدلة عن النون إبدال الياء من النون الأولى في دينار وياءه الأولى زائدة لأنه لا يقع بعد ألف الجمع ثلاثة أحرف بغير هاء التأنيث إلا وأوسطها حرف مد زائد كمصابيح ونحوه فتعين أن يكون ما هو لامه بزعمهم وهو الياء محذوفا لا محالة وأن يكون ياؤه الأولى بدلا عن ألف إنسان الزائدة لانكسار ما قبلها لما تقرر من أن كل ألف إنكسر ما قبلها قلبت ياء أو انضم ما يقبلها قلبت واوا، وأما ما عليه البصريون فتسليم من حذف شيء من الطرفين المفرد وهو إنسان والجمع وهو أناسي على ما هو الصحيح من القولين فيه أنجمع أنسان كسراحي جمع سرحان والأصل سراحين قلبت نونه ياء وأدغمت الياء في الياء وعن الراغب أنه جمع أنسي والصحيح ما قدمناه، فإن قلت لا كلام في سماع أنسي في كلامهم بدليل قوله:
ولست لانسي ولكن لملأك * تزل مرجو السماء يصوب
فمبال أناسي وأنسي لا يكون ككراسي وكرسي جمعا ومفردا فقلت: لما تقرر من أن فعالي من جمع الكثرة لا يكون إلا لكل ثلاثي آخره يا مشددة غير متجدده للنسب كيا كرسي بخلاف يا أنسي ولو كان جمع أنسي لقيل في نحو جني جناني وتركي تراكي وهذا لا يقوله أحد كما نص عليه البدر ابن مالك في شرح الخلاصة فتعين أن يكون أناسي جمع إنسان والأصل أناسين فإن قلت وهل سمع أنايسن كما سمع سراحين قلت أبى ذلك ابن عصفور وقال بلزوم البدل وأثبته المرادي واستشهد عليه ونسبة أناسين من أناسي كنسبة ملأك في البيت الذي أنشدناه من ملك حيث استعملا على الأصل على أسلوب استحوذ وما شاكله.
والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[20 - 03 - 06, 12:51 م]ـ
أخي الكريم (عبد الله النجدي)
أحسن الله إليك وبارك الله فيك
ولكن!
هلا أسندت لنا هذا الكلام
فإن الكلام إذا لم ينسب لقائله صار بلا خطم ولا أزمة
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو عمر الطائي]ــــــــ[23 - 03 - 06, 01:00 ص]ـ
قرأت قبل فترة أثر ابن عباس فتذكرت أنه في تفسير ابن كثير ينقله عن ابن أبي حاتم قال ابن ابي حاتم: حدثنا أحمدبن سنان حدثنا أسباط بن محمد حدثنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (إنما سمي الإنسان إنساناً لأنه عهد فنسي) وكذا رواه علي بن أبي طلحة عنه
سورة طه آية رقم خمس عشرة بعد المائة
أحمد بن سنان وثقه النسائي والدارقطني وأبو حاتم وغيرهم حتى قدمه بعضهم على بندار
أما أسباط فقالوا ليس به بأس وفيه بعض الضعف وهوقول ابن معين والنسائي والعجلي وأبوحاتم قال ابن معين كان يخطئ في الثوري. المرجع تهذيب التهذيب والتقريب وميزان الاعتدال
أما الأعمش وسعيد فقد تجاوزا القنطرة
أما سلسلة علي بن طلحة ففيها خلاف ورجح البخاري أنهاحسنة كما حقق ذلك د/حكمت بن بشير بن ياسين في مقدمة كتابه (التفسير الصحيح) ولكن يبقى من روى عن علي
وهذه استفتاح لمن يريد التعقيب أوالتعليق ولنقرء من أقلام أهل الحديث مايقولون في أثر ابن عباس.
ـ[أبو عمر الطائي]ــــــــ[27 - 03 - 06, 02:50 م]ـ
وتبقى عنعنة الأعمش وبعضهم يهونون منها
وهل يقال آثار الصحابة يغتفر الضعف اليسير بها مالم تكن منكرة المتن؟
فهذا له وجه والله أعام
بانتظار المزيد من الإخوة
ـ[عصام البشير]ــــــــ[15 - 04 - 06, 01:43 م]ـ
للفائدة:
قال الصفدي في (الغيث المسجم) (2/ 207 - 208):
( .. واختلفوا في اشتقاقه فقيل: مأخوذ من ناس ينوس إذا تحرك، وسمي الحسن بن هانئ أبا نواس لأنه كانت له ذؤابتان تنوسان في أحد القولين.
قلت: وهذا باطل لأنه يصدق الإنسان بهذا على الملك والإنسان والشيطان بل على الحيوان والفلك لأن الجميع متحرك.
وقيل بل من الانس وهو السكون والإلف.
وقيل: من النسيان. قال الله تعالى: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي).
وقال أبو تمام الطائي:
لا تنسين تلك العهود فإنما ** سميت إنسانا لأنك ناسي
وقال أبو الفتح البستي:
يا أكثر الناس إحسانا إلى الناس ... وأكثر الناس إغضاء عن الناسي
نسيت وعدك والنسيان مغتفر ** فاغفر فأول ناسٍ أول الناس
وقال ابن سناء الملك من مرثية:
فلئن سلوتك ناسيا لا عامدا ... فالذنب للنسيان لا السلوان
وعوائد النسيان فينا خلة ... موروثة من ذلك الإنسان
ونقلت من خط علاء الدين علي بن مظفر الكندي الوداعي ما صورته: وحدثني بعض المشايخ عن الشيخ يوسف الفقاعي أنه كان يقول: مسكين الإنسان، ما ذكره الله تعالى في القرآن إلا في مكان ذم أو شر مثل قوله: (قُتل الإنسان ما أكفره)، (وكان الإنسان عجولا)، و (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم)، فأعجبني هذا المعنى فنظمته بقولي:
يا أيها الإنسان لا ... تفخر بغير تقى وعلم
وانظر فأكثر ما أتى القرآن باسمك عند ذمِّ
انتهى
¥