فكم أغوى الشيطان من زوار القبور، فأخرجهم من ملة الإسلام إلا ملة الشيطان، فزين لهم عبادة غير الله، والاستغاثة بالمقبور، والاستنجاد بالموتى وطلب الغوث منهم.
والله المستعان.
ـ[أبو عمر العتيبي]ــــــــ[24 - 06 - 02, 08:13 م]ـ
8/ قال: [هذا، وفي الدعاء عند زيارة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في قبره أُثِيرَت مسألة الجهة التي يتجه إليها الداعي، هل هي قِبْلة الصلاة أو هي القبر الشريف؟ روى القاضي عياض في كتابه "الشفا في التعرُّف بحقوق المصطفى" ما جاء عن الإمام مالك بن أنس لمَّا ناظره أبو جعفر المنصور في المسجد النبوي، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالى أدَّب قومًا فقال (لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِي وَلا تَجْهَرُوا لَه بِالْقَوْلْ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأًنْتُمْ لا تَشْعُرُون) (الحجرات: 2) ومدح قومًا فقال (إنَّ الَّذِينَ يَغُضُّون أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) (الحجرات: 3).
وذم قومًا فقال (إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُون) (الحجرات: 4) وإنَّ حرمته ميتًا كحُرْمَته حيًّا. فاستكان لها أبو جعفر، وقال: يا أبا عبد الله أستقبل القِبْلَة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ولمَ تصرفْ وجْهَكَ عنه وهو وسيلتُك ووسيلة أبيك آدم ـ عليه السلام ـ إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقْبِلْه واستَشْفِعْ به فيشفعه الله، قال الله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ إذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءوكَ فاسْتَغْفَرُوا اللهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا) (النساء: 64). وابن تيمية يُكَذِّب هذه الرواية.
وردَّ الزرقاني في شرحه للمواهب اللَّدنية للقسطلاني على ابن تيمية بأنها مروية عن ثقات ليس فيهم وضَّاع ولا كذَّاب،].
الجواب:
الرواية مكذوبة بلا شك، وسندها منقطع عن الإمام مالك، وفيها كذاب متهم بالوضع وهو محمد بن حميد الرازي، وهي منكرة ظاهرة النكارة، وكلام الزرقاني لا قيمة له، ولا وزن لأنه مخالف لقواعد أهل الحديث في إعلال الروايات وبيان صحيحها من سقيمها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (1/ 228فما بعدها): [وهذه الحكاية منقطعة، فإن محمد بن حميد الرازى لم يدرك مالكاً، لا سيما فى زمن أبى جعفر المنصور، فإن أبا جعفر توفى بمكة سنة ثمان وخمسين ومائة، وتوفى مالك سنة تسع وسبعين ومائة، وتوفى محمد بن حميد الرازى سنة ثمان وأربعين ومائتين، ولم يخرج من بلده حين رحل فى طلب العلم إلا وهو كبير مع أبيه، وهو مع هذا ضعيف عند أكثر أهل الحديث:
كذبه أبو زرعة وابن وارة، وقال صالح بن محمد الآسدى: ما رأيت أحداً أجرأ على الله منه وأحذق بالكذب منه، وقال يعقوب بن شبيبة: كثير المناكير، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن حبان ينفرد عن الثقات بالمقلوبات.
وآخر من روى الموطأ عن مالك هو أبو مصعب وتوفى سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وآخر من روى عن مالك على الإطلاق هو أبو حذيفة أحمد بن إسماعيل السهمى توفى سنة تسع وخمسين ومائتين.
وفى الإسناد أيضا من لا تعرف حاله، وهذه الحكاية لم يذكرها أحد من أصحاب مالك المعروفين بالأخذ عنه.
ومحمد بن حميد ضعيف عند أهل الحديث إذا أسند، فكيف إذا أرسل حكاية لا تعرف إلا من جهته؟!!
هذا إن ثبت عنه، وأصحاب مالك متفقون على أنه بمثل هذا النقل لا يثبت عن مالك قول له فى مسألة فى الفقه،
بل إذا روى عنه الشاميون كالوليد بن مسلم ومروان بن محمد الطاطري ضعفوا رواية هؤلاء، وإنما يعتمدون على رواية المدنيين والمصريين،
فكيف بحكاية تناقض مذهبه المعروف عنه من وجوه، رواها واحد من الخراسانيين لم يدركه، وهو ضعيف عند أهل الحديث،
¥