(2) المقصودُ بالمخيطِ هو: ما يُخاطُ على هيئةِ وقَدِّ البدنِ, أو عضوٍ من أعضائهِ مثل: (الثوب, أو الفانيلة, أو السراويل, أو الطاقية, أو العمامة, أو القَبَاء) وما أشبهَ ذلكَ من الملبوساتِ التي تُخاطُ؛ ولذلكَ عبَّر عنها بعضُ الفقهاءِ بقولهم: (الْمَخِيط الْمُحِيط) أي: بالبدنِ, أو العضوِ.
(3) كلمة (لُبْس الْمَخِيط) لم ترد في القرآن, ولا في السنة بهذا الاصطلاح؛ لكن أطلقها الفقهاء من باب التقريب, والتسهيل؛ فوقع بها لَبْسٌ عند البعض, وَبَنَوا عليها أنّ:
-كلَّ مخيط لا يُلبس.
- وأن العلّة هي الخِياطَة.
وهذا من الغلط، فلو انشق الإزار, أو الرداء اللذان يلبسهما فخاطهما, ثم لَبِسَهُما؛ فلا شيء عليه بالاتفاق.
وإنما المقصود بالمخيط هو: الثوب المعتاد في غير الإحرام عادة (كما سبق).
(4) وعلى هذا؛ فثياب الإحرام والأُزُر التي يلبسها بعض الناس اليوم, وتكون مَخِيطَةً من الوسط بجمع طرفيها, أو فيها تِّكَّةٌ (وهي رِبَاطُ السَّرَاوِيلِ) أو جيب لوضع حاجياته, وما أشبه ذلك؛ لا بأس بها؛ لأنها لا تدخل في باب المخيط.
وقد بوب البخاري, في صحيحه:باب - مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ؛ مِنَ الثِّيَابِ, وَالأَرْدِيَةِ, وَالأُزُرِ (23).
(5) هناك توسعة, وإذن شرعي, في لبس المخيط الذي يكون إزاراً في أسفل البدن؛ فما كان يسمى: إزاراً, وأزره, أو ما يسميه أهل نجد (وَزْرَة) فإنه يجوز لبسه حال الإحرام.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (ج 26 ص 109): (وَالسُّنَّةُ أَنْ يُحْرِمَ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ سَوَاءٌ كَانَا مَخِيطَيْنِ أَوْ غَيْرَ مَخِيطَيْنِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَلَوْ أَحْرَمَ فِي غَيْرِهِمَا جَازَ إذَا كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لُبْسُهُ ......... وقال رحمه الله: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الإِزَارِ وَالرِّدَاءِ ....... وقال: وَلا يَلْبَسُ مَا كَانَ فِي مَعْنَى السَّرَاوِيلِ: كَالتُّبَّانِ وَنَحْوِهِ" اهـ.
(وَالتُّبَّانُ) سَرَاوِيلُ صَغِيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ؛ كـ (الملبوسات الداخلية)
وقال –رحمه الله- في شرح العمدة (ج 3، ص 34): " أن فتقَ السراويلِ؛ يجعلُه بمنزلةِ الإزارِ, حتى يجوز لبسُه, مع وجودِ الإزارِ بالإجماعِ."
وقال –رحمه الله- في شرح العمدة (3/ 16):" أَمّا إِن خِيطَ أَو وُصِلَ لا لِيُحِيطَ بِالعُضوِ ويكون على قَدرِهِ مثل: الإزارِ والرداءِ الموصلِ, والمرقعِ, ونحو ذلك فلا بأس به، فإنّ مَناطَ الحكمِ هو اللباسُ المصنوعُ على قدرِ الأعضاءِ، وهو اللباسُ المحيطُ بالأعضاءِ, واللباسُ المعتادُ".
وفي المجموع للنووي (ص 7 ص 264) "وَإِنَّمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ الْمَخِيطِ, وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ, مِمَّا هُوَ عَلَى قَدْرِ عُضْوٍ مِنْ الْبَدَنِ, فَيَحْرُمُ كُلُّ مِخْيَطٍ بِالْبَدَنِ, أَوْ بِعُضْوٍ مِنْهُ, سَوَاءٌ كَانَ مَخِيطًا بِخِيَاطَةٍ, أَوْ غَيْرِهَا".
وفي المغني لابن قدامة (ج 3 ص): "وَلأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ فِي شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ, يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يُخَاطُ عَلَى قَدْرِ الْمَلْبُوسِ عَلَيْهِ, كَالْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ. وَلَوْ لَبِسَ إزَارًا مُوَصَّلًا , أَوْ اتَّشَحَ بِثَوْبٍ مَخِيطٍ, جَازَ".
ومما تقدمَ: يتضحُ أن العِلّةَ ليست في الخياطةِ, وإنما العلّةُ في كونه مصنوعاً على قدر البدنِ؛ ولهذا ورد النهيُ عن السراويلِ.
وعلى هذا لو لبس الْمُحْرِمُ (فانيلة مثلاً, أو سروالاً) ليس مخيطاً, وإنما أُبدل الخيط بمادة لاصقة تقوم مقام الخيط فهذا لا يجوز لما تقدم. والله أعلم.
أخوكم
سلمان بن فهد العودة
28/ 11/1424هـ
http://www.islamtoday.net/pen/show_question_*******.cfm?id=38701
ـ[ابن عبد البر]ــــــــ[07 - 01 - 05, 09:46 م]ـ
جمع طيب يستحق الرفع .. رفع الله قدر من سعى فيه ..
ـ[الموسوي]ــــــــ[08 - 01 - 05, 02:01 ص]ـ
الحمد لله وبعد:
فشكر الله للإخوة الفضلاء على هذه النقول الطيبة.
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن لبس القفازين للمحرم محظور.
والسؤال ما الفرق بينه وبين هذا الباس, إذا لم يكن تعليل الفقهاء سليما أعني -ما خيط على قدِّ البدن-
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[08 - 01 - 05, 08:49 ص]ـ
الفرق أخي أن القفازين منصوص عليهما في الحديث وأما المخيط فلم يذكر في الحديث بل هو فهم العلماء والأئمة رحمهم الله.
ـ[الموسوي]ــــــــ[09 - 01 - 05, 10:50 م]ـ
الحمد لله وبعد:
شكر الله لك أخي على هذا الجواب.
نعم, ذكر النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس القفازين للمحرم, لكن النهي كان للنساء دون الرجال كما لا يخفاك, وإنما ذكرت هذا السؤال لأن الشيخ رحمه الله يرى حرمته على الرجال, مع أنه-فيما أحسب-من جنس اللباس المسؤول عنه الذي أفتى الشيخ رحمه الله بجوازه, والعلة التي تجمعها هي ما ذكره الفقهاء ما خيط على قدِّ العضو.
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس العمائم, هي لأعلى الرأس, وعن لبس السراويل وهي لأسفل البدن, وعن لبس القميص وهو لجميع البدن دون الرأس, وعن لبس البرانس وهي للبدن جميعه مع الرأس.
فاستبط الفقهاء منها العلة الجامعة, وهي أنه يحظر على المحرم لبس كل ما خيط على قدر العضو.
وأما ما ذكره بعض الإخوة من الإشكال الذي ينشأ من هذا الاصطلاح فلا يضر بعد معرفة مراد الفقهاء بذلك, وإنما يشكل على من يعرف اصطلاحهم.
فليتأمل الإخوة ما ذكرت, والله أعلم.