إن المرأة بمقتضى الخَلْق والتكوين مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي خلقت لأجلها، وهي مهمة الأمومة، وحضانة النشء وتربيته، وهذه قد تجعلها ذات تأثر خاص بدواعي العاطفة، وهي مع هذا تعرض لها عوارض طبيعية، تتكرر عليها في الأشهر والأعوام، من شأنها أن تضعف قوتها المعنوية، وتوهن من عزيمتها في تكوين الرأي والتمسك به، والقدرة على الكفاح والمقاومة في سبيله، وهذا شأن لا تنكره المرأة من نفسها، ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدل على أن شدة الانفعال والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها)) أ. هـ. انظر: مجلة رسالة الإسلام – السنة الرابعة – العدد الثالث، (يوليو/1952م-شوال/1371). نقلاً عن رسالة الدكتوراه المشار إليها لاحقاً.
رابعاً. قد أجمعت الأمة على منع المرأة من تولي منصب الإمامة على جميع المسلمين أو بعضهم، ولم يخالف في ذلك أحد من علماء المسلمين في كل عصورهم. كما نقله ابن قدامة وغيره.
فالنبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون ومن بعدهم لم يولوا امرأة قضاءً ولا ولايةً، ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالباً.
قال الماوري: إن الإجماع كان قائماً على انعقاد بطلان ولاية المرأة القضاء وإثم موليها، فلا يعتد برأي من قال بجواز توليتها بعد انقراض عصر الإجماع، من غير دليل شرعي.
وقال ابن حزم: وجميع أهل القبلة ليس منهم أحد يجيز إمامة امرأة ...
وقال البغوي: اتفقوا على أن المرأة لا تصلح أن تكون إماماً ولا قاضياً.
خامساً. أن من قال بجواز أن تلي المرأة القضاء أو شيئاً من الولايات العامة شذ عن هذا الإجماع فلا يعتد بقوله ولا ينظر إلى رأيه وما نقلوه عن أئمتنا الأعلام كالطبري وغيره إما أنه لا يصح عنه أو أنه خاص بأمور المرأة وما تصح شهادتها فيه قال القاضي أبو بكر بن العربي: نُقِل عن محمد بن جرير الطبري أنه يجوز أن تكون المرأة قاضية ولم يصح ذلك عنه، ولعله نقل عنه كما نقل عن أبي حنيفة أنها إنما تقضي فيما تشهد فيه وليس بأن تكون قاضية على الإطلاق ولا بأن يكتب لها مسطور بأن فلانة مقدمة على الحكم، وإنما سبيل ذلك التحكيم والاستنابة في القضية الواحدة، وهذا هو الظن بأبي حنيفة وابن جرير وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قدم امرأة على حسبة السوق ولم يصح فلا تلتفتوا إليه فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث، والمرأة لا يتأتى منها أن تبرز إلى المجلس ولا تخالط الرجال ولا تفاوضهم مفاوضة النظير للنظير؛ لأنها إن كانت فتاة حرم النظر إليها وكلامها وإن كانت بارزة يجمعها والرجال مجلس واحد تزدحم فيه معهم وتكون مناظرة لهم ولن يفلح قط من تصور هذا ولا من اعتقده. ا. هـ بتصرف.
سادساً. هذا التعارض بين الحديث والقرآن الذي نص عليه الكاتب لا وجه له وادعاء واهي على القرآن أولاً، وعلى الهدد ثانياً، وكان يجب على الكاتب أن لا يَتَقَّول على القرآن بما ليس فيه وأن يرجع إلى أهل العلم والتفسير قبل أن ينشر هذا التعدي فالقرآن قد ذكر ما أخبر به الهدهد في أسلوب إنكاري في قوله: "إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ ... " إلى آخر الآيات وهذا الذي أنكره الهدهد تتمسك به بعض العقول البشرية تحت دعوى الإصلاح والحقوق ...
والقرآن ذم ما عليها هي وقومها: "وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ " وهل بعد الكفر ذنب؟.
ورغم أن هذه المرأة أوتيت من كل شئ إلا أنها لم تنس طبيعتها كامرأة " قالوا: نحن أولو قوة وأولو بأس شديد. والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين ".
وهنا تظهر شخصية «المرأة» من وراء شخصية الملكة. المرأة التي تكره الحروب والتدمير، والتي تستخدم سلاح الحيلة والملاينة والمصانعة قبل أن تستخدم سلاح القوة والمخاشنة:
"قالت: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون. وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون "
¥