[فصل: في حكم الإنكار في المسائل الخلافية]
ـ[ابن عمر عقيل]ــــــــ[16 - 04 - 08, 01:32 م]ـ
مجلة البحوث الإسلامية - العدد السابع والأربعون - الإصدار: من ذو القعدة إلى صفر لسنة 1416هـ 1417هـ - الباب الثاني حكم الإنكار في المسائل الخلافية
في حكم الإنكار في المسائل الخلافية
وفيه ستة فصول:
الفصل الأول: في الإنكار على أهل الأهواء والبدع
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: في الإنكار على أهل البدع:
البدعة في اللغة: مأخوذة من بدع الشيء يبدعه بدعا
(الجزء رقم: 47، الصفحة رقم: 221)
وابتدعه: أي أنشأه وبدأه، وفي كسر الباء تعني: الحدث وما ابتدع من الدين بعد الإكمال انظر لسان العرب، مادة بدع ..
والبدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا فقال: صحيح مسلم الزكاة (1017)، سنن الترمذي العلم (2675)، سنن النسائي الزكاة (2554)، سنن ابن ماجه المقدمة (203)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 359)، سنن الدارمي المقدمة (512).من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها، وقال في ضده: ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة بدع.
وقال العلماء: البدعة خمسة أقسام: واجبة، ومندوبة، ومحرمة، ومكروهة، ومباحة.
فمن الواجبة: نظم أدلة المتكلمين للرد على الملاحدة والمبتدعة، والاشتغال بكتب النحو، وحفظ غريب الكتاب والسنة.
(الجزء رقم: 47، الصفحة رقم: 222)
والبدعة المندوبة: تشمل تصنيف كتب العلم، وبناء المدارس، والربط في سبيل الله، وغير ذلك من الإحسان الذي لم يعهد في الصدر الأول.
والبدعة المحرمة: ما ذهب إليه القدرية والجبرية والمرجئة والمجسمة، والتوسل إلى الله بالأموات، وطلب الدعاء منهم، وكذا اتخاذ القبور مساجد والصلاة إليها، وإيقاد السرج والمصابيح عليها، ونذر الذبائح لها، وإنارتها، والطواف بها، واستلامها.
أما البدعة المكروهة: فكزخرفة المساجد، وتزويق المصاحف، والمصافحة باليد بعد السلام من الصلاة ونحو ذلك.
أما البدعة المباحة: فهي التوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس والمساكن.
وما نحن بصدده هنا فهي البدع المحرمة، سواء ما كان منها يؤدي إلى الكفر، كدعاء غير الله من الأنبياء والصالحين، والاستغاثة بهم، وطلب تفريج الكربات وقضاء الحاجات منهم، وهذه أعظم بدعة كيد بها للإسلام وأهله، أو ما يخشى على صاحبها من الوقوع في الكفر، كالتوسل إلى الله بجاه الأولياء والصالحين والتبرك بهم.
وكذلك البدع الأخرى التي لا تتنافى مع التوحيد لكنها من
(الجزء رقم: 47، الصفحة رقم: 223)
المحرمات، كالاجتماع على التكبير والتهليل والتسبيح ونحو ذلك، وكأن يخترع أذكارا وأدعية وعبادات وصلوات وصياما، واتخاذ السبحة أثناء التسبيح لغير حاجة، والاحتفال بليلة النصف من شعبان، وليلة المولد النبوي، وغير ذلك مما لم يرد في ثبوت التعبد فيه أي دليل شرعي معتبر الدلالة، فقد ورد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، ففي هذا الحديث دلالة على أن البدع المخالفة للشرع من الضلالات التي يجب اجتنابها؛ إذ لا يصح إحداث عبادة في الدين لم يشرعها الله تعالى، ولم يأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم أو يفعلها مما هو شرع لأمته، ومن أحدث خلاف ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين تأسوا بسنته فهو رد على صاحبه، فعن عائشة رضي لله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صحيح مسلم الأقضية (1718)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 180).من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.
قال أهل العربية: الرد هنا بمعنى المردود. ومعناه فهو باطل غير معتد به.
¥