[حول أثر الفلسفة اليونانية على العلوم الإسلامية ..]
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 - 04 - 08, 06:12 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي وحده ...
فهذا أنموذج اقتطعتُه من كتابي عن أثر الفلسفة اليونانية في العلوم الإسلامية،أضعه هنا بناء على طلب فاضل من الإخوة الذين راسلوني ....
ذهب أبو الحسن الأشعري وجماهير المعتزلة والأشاعرة المصنفين في علم أصول الفقه كأبي الهذيل العلاف وأبي علي وأبي هاشم الجبائيين وأبي الحسين البصري والباقلاني والغزالي وابن العربي إلى تصويب المجتهدين في مسائل الفقه، وأن كل مجتهد مصيب فيما عند الله، ومصيب في الحكم ...
ورفع راية هذا القول أبو عبد الله البصري الشهير ((بالجُعَل)) ..
وجاء في طبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار ف سياق ترجمة أبي عبد الله البصري،أنه جاءت إلى أبي الحسن الأشعري رسالة من الخليفة يسأل فيها عن هذه المسألة بعينها فأحال الجواب فيها على أبي عبد الله البصري .. مما يدلك على مدى تأثر الأشعري بمذهب معتزلة البصرة فيها .. [المنية والأمل تحقيق توما أرنولد ص/63]
وأطال أبو الحسين البصري في الاحتجاج لهذا القول ...
وبلغ الأمر بالباقلاني في نصرته لهذا القول أنه قال: إن هذا هو قول الشافعي ولولا هذا لما عدَّ هو الشافعيَ أصولياً (!!!!!!!!!!) [انظر: المعتمد 2/ 948،والبرهان 2/ 861،والبحر المحيط 6/ 236]
وهذا القول المُباين للعقل والفطرة والقاضي بنسبية الحق وأنه بالنسبة لكل إنسان ما يعتقده هووأنه ليس في نفس الأمر حكم مطلوب=لا يطول بحثك لتعلم من أين جاء به المعتزلة حتى أخذه منهم أبو الحسن ووضعه أبو الحسين في كتبه وسرى بعدُ لغالب الأشاعرة ...
وقد بينتُ في فصول الكتاب أن مذاهب الفلاسفة اليونان قد سرت إلى المسلمين قنطرتين:
الأولى: أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين كانوا بالشام،وغيرهم من أهل العقائد الفاسدة التي قابلها المسلمون في فتوحاتهم ...
الثانية: حركة النقل والترجمة ...
ثم خرجت من هاتين القنطرتين قنطرة أخرى كان من النكد أنها اشتغلت بالكلام في العلوم الإسلامية فأفرغت فيها ما تحمله من سم اليونان ... أعني: المعتزلة ...
وأصلُ هذا القول هو مذهب فلسفي لأحد الفلاسفة اليونانيين السوفسطائيين يُقال له: ((بروتا جوراس)).
وكان هذا الفيلسوف يرى ((الإنسان مقياس الأشياء جميعاً))
ويرى: ((أن الأشياء هي بالنسبة إلي على ما تبدو لي، وهي بالنسبة إليك على ما تبدو لك)).
ويضربُ مثالاً على ذلك فيقول: ((أليس يحدث أن هواء بعينه يرتعش منه الواحد ولا يرتعش الآخر، ويكون خفيفاً على الواحد عنيفاً على الآخر؛ فماذا عسى أن يكون في هذا الوقت الهواء في ذاته (؟)
هل نقول إنه بارد .. أم نقول إنه ليس بارداً (؟)
أم نسلم أنه بارد عند الذي يرتعش .. ليس ببارد عند الآخر (؟)
وإذن فلا يوجد شيء هو واحد في ذاته وبذاته)). [انظر: ((محاورة تيتيانوس)) لأفلاطون (ص/152،166 - 168)]
وقد أطلق الفلاسفة المشرقيون على هذا المذهب اسم ((العندية)) [ subgectivists] وعرَّفوهم بأنهم: ((فرقة من السوفسطائية ينكرون ثبوت الحقائق وتميزها، ويزعمون أنها تابعة للاعتقادات دون العكس)).
قلتُ: وقد تسربَّ هذا القول إلى المعتزلة أولاً وقد شرحتُ في المقدمات التمهيدية أن غالب هذا التسرب يأتي في صورة محاولة التوفيق وتصحيح وجه من الكلام ... بمعنى: أن يأتي الواحد من المعتزلة إلى المذهب من مذاهب الفلاسفة فيرد منه شيئاً يراه باطلاً ويقبل منه شيئاً يراه حقاً ....
ثم يأتي من بعده من المعتزلة أو الأشاعرة ... فيردون مما اختاره المعتزلي الأول وجعله حقاً=شيئاً يروه هم باطلاً ويقبلون شيئاً يروه هم حقاً ... وهكذا حتى يئول الأمر عند من بعدهم إلى بحث المسألة وجعلها باباً من أبواب علم الأصول أو علم الحديث أو علم العربية وهكذا ...
وفي مسألتنا قال النظام والعنبري أولاً بأن كل مجتهد مصيب في الأصول والقطعيات ...
ثم جاء الجاحظ فأخذ وترك فكان من قوله: إن الحق في الأصول والقطعيات واحد ولكن المخطيء لا يأثم ...
ثم جاء المعتزلة والأشاعرة الذين حكينا قولهم في صدر المبحث فأخذوا وتركوا فكان قولهم كما ترى ...
وقد نبه شيخ الإسلام في الفتاوى على العلاقة بين هذا المذهب وبين مذهب السوفسطائيين ناقلاً قول أبي إسحاق الإسفراييني: ((هذا المذهب أوله سفسطة وآخره زندقة)). [مجموع الفتاوى 19/ 135]
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[19 - 04 - 08, 11:00 م]ـ
..............
ـ[سلطان عسيري]ــــــــ[29 - 04 - 08, 01:21 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[01 - 05 - 08, 04:40 م]ـ
وفيك بارك الله ....
ـ[عبدالله الشمري]ــــــــ[01 - 05 - 08, 07:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
إلى الأخ الفاضل أبي فهر السلفي جعلنا الله وإياه من الباحثين عن الحق والمتبعين له ووفقك فيما شرعت فيه، ولا أخفي عليك سراً إن قلت لك أنني من المهتمين بهذا الموضوع.
هل كتابك هذا مطبوع أم قيد الطبع؟ أم لا زال تحت التنفيذ؟
¥