**هل يُشترط للعالم المجتهد أن يكون حافظا للقرآن؟!
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[10 - 04 - 08, 06:58 ص]ـ
**هل يُشترط للعالم المجتهد أن يكون حافظا للقرآن؟
أخرج الإمام أحمد وابن نصر في " قيام الليل" والطحاوي في " مشكل الآثار" وغيرهم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((من أخذ السبع الأول من القرآن فهو حبر)).
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي،
وحسنه العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الخامس رقم [2305] وقال:
[ ... " حبر " بفتح المهملة وكسرها أي عالِم .... فائدة: المقصود من السبع الأول: السور السبع الطوال من أول القرآن وهي مع عدد آياتها: 1 - البقرة (286)، آل عمران (200)، النساء (176)، المائدة (120)، الأنعام (165)، الأعراف (206)، التوبة (129)].
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط للعالم أن يكون حافظا للقرآن الكريم، ومن باب أولى الخطيب.
قال العلامة ابن قدامة المقدسي في " روضة الناظر ":
[وشرط المجتهد: إحاطته بمدارك الأحكام المثمرة لها وهي: الأصول التي فصلناها: " الكتاب " و " السنة .... -إلى أن قال- والواجب عليه في معرفة الكتاب: معرفة ما يتعلق منه بالأحكام وهي: قدر " خمسمائة آية " ولا يشترط حفظها، بل علمه بمواقعها حتى يطلب الآية المحتاج إليها وقت حاجته].
وقال العلامة صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق القطيعي في "قواعد الأصول":
[وشرط المجتهد ..... فيعرف من الكتاب والسنة ما يتعلق بالأحكام، فمن القرآن قدر خمسمائة آية لا حفظها لفظا بل معانيها ليطلبها عند حاجته .. ].
وقال الشيخ العلامة الأصولي ابن عثيمين في " شرح الأصول من علم الأصول ":
[ .. فإذا كان مجتهدا في الأحكام فلابد أن يكون عنده معرفة بآيات الأحكام، ولا يلزم أن يكون عنده معرفة بآيات أصول الدين العقدية كالإيمان باليوم الآخر وما أشبه ذلك، لأن هذا لا يتعلق باجتهاده] اهـ المقصود.
وقال الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الكريم النملة في " المهذب في علم أصول الفقه المقارن " – في مبحث شروط المجتهد -:
[ ... ولا يُشترط حفظ القرآن كله، ولا يُشترط حفظ آيات الأحكام – كما قال بعضهم – بل يكفيه أن يعرف مواقع آيات الأطعمة من القرآن، وآيات الحدود منه، وآيات النكاح والطلاق والرضاع، والنفقات ونحو ذلك، حتى إذا نزلت حادثة في الأطعمة – مثلا – يذهب إلى المواضع التي توجد فيها آيات الأطعمة، ويستدل على حكم حادثته بآية منها .... ].
فالعلماء لم يشترطوا حفظ القرآن بل ولا آيات الأحكام في العالم المجتهد،والخطيب من باب أولى.
**فائدتان:
1 - حافظ لا يحفظ القرآن!!:
قال الحافظ ابن حجر في التقريب - في ترجمة الإمام أبي الحسن ابن أبي شيبة- رحمه الله- عبارةً عجيبة لم يقلها في غيره في كتابه، قال:
[عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي: ثقةٌ حافظٌ شهير و له أوهام، و قيل: كان لا يحفظ القرآن، من العاشرة مات سنة تسع و ثلاثين، و له ثلاث و ثمانون سنة، خ م د س ق].
2 - وذكر ابن الجوزي عن الإمام أحمد بن حنبل في كتابه" مناقب أحمد":
أن الإمام أحمد قال: " دعوت الله أن أحفظ القران أو قال أتم حفظه فلم أحفظه إلا في الحديد ولهذا بعدها كلما دعوت قلت: في عافية"!.
ومعلوم أن الإمام أحمد سجن وهو إمام حافظ.
**فتاوى كبار العلماء المعاصرين:
السؤال: هل يلزم الإنسان حفظ السورة التي يقرأها، وهل يأثم من حفظ القرآن ونسيه؟
الجواب:
[ليس الحفظ بلازم، لأن حفظ القرآن مستحب، ولكن فرضه بالجملة أن يحفظه بعض المسلمين، أما شخص معين فلا يلزمه حفظ القرآن، ولكن يحفظ ما يتيسر منه، والواجب حفظ الفاتحة فقط، حتى يقرأ بها في الصلاة، حفظ الفاتحة لازم، وما سوى ذلك مستحب، وإذا تيسر له حفظ ما تيسر من ذلك، من جزء عم، المفصل، أكثر من ذلك، كله طيب.
وإذا حصل له حفظ القرآن، فهذه نعمة عظمى؛ فيشرع للمؤمن والمؤمنة العناية بحفظ القرآن والاستكثار من ذلك، والمواظبة، حتى يتيسر للمؤمن حفظ القرآن والمؤمنة؛ وإذا لم يتيسر حفظه كله، فليحفظ ما تيسر منه، كالمفصل من (ق) إلى آخر القرآن، أو جزء عم، حتى يستعين بذلك في قراءته في الصلاة].
¥