تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفرق هو أن الخبر لا يلزم من تأويله -أي وقوعه- العلم به؛ فهو واقع وإن لم يُعْلم به؛ فأشراط الساعة وأحوالها ستقع وإن لم يُعْلم بها.

وكذلك حقائق أسماء الله وصفاته هي حقيقة وإن لم يُعْلم بها.

فلا يلزم -إذاً- من تأويل الخبر العلم به.

أما الطلب فلابد في تأويله من معرفته والعلم به؛ ليُفعل أو يُجتنب؛ فإن كان الطلب أمراً فلابد في إيقاعه وفعله وامتثاله من معرفة العلم به سواء كان واجباً كإقامة الصلاة، أو مستحباً كالسواك.

وإن كان الطلب نهياً فلابد من معرفته والعلم به؛ ليجتنب سواء كان النهي للتحريم أو الكراهة.

توجيه قراءتي آية آل عمرآن:

قال الله - عز وجل -: [هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ] (آل عمران: 7).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -ر حمه الله -: (وجمهور سلف الأمة وخلفها على أن الوقف عند قوله: [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ].

وهذا هو المأثور عن أُبَي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم.

وروي عن ابن عباس أنه قال: (التفسير على أربعة أوجه:

تفسير تعرفه العرب [14] من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته [15]، وتفسير يعلمه العلماء [16]، وتفسير لا يعلمه إلا الله [17] من ادعى علمه فهو كاذب).

وقد روي عن مجاهد وطائفة أن الراسخين في العلم يعلمون تأويله، وقد قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أقف عند كل آية فأسأله عن تفسيرها.

ولا منافاة بين القولين عند التحقيق) [18].

ويعني بالقولين القراءتين: الوقف على قوله [إِلاَّ اللّهُ] والوصل.

وقال في موضع آخر موجهاً كلتا القراءتين: (وكلا القولين حق باعتبار كما قد بسطناه في مواضع أُخَر، ولهذا نقل عن ابن عباس هذا وهذا وكلاهما حق) [19].

وخلاصة القول في توجيه القراءتين: أنه على قراءة الوقف يكون التأويل بمعنى الحقيقة التي يؤول إليها الشيء، وعلى قراءة الوصل يكون التأويل بمعنى التفسير؛ فمن قال: إنه لا يعلم تأويله إلا الله أراد الحقيقة، ومن قال: إنه يُعلم تأويله أراد التفسير.

وعلى قراءة الوقف تكون الواو في قوله: [وَالرَّسِخُوْنَ ... ] ابتدائية استئنافية.

وعلى قراءة الوصل تكون عاطفة.

18/ 10/1426هـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] انظر التدمرية لابن تيمية ص91 - 95.

[2] الإحكام لابن حزم 1/ 43.

[3] انظر إرشاد الفحول للشوكاني ص177، والتوضيحات الأثرية على متن الرسالة التدمرية للشيخ فخر الدين المحيسي ص185.

[4] انظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4/ 504.

[5] انظر مفهوم التفسير والتأويل د. مساعد الطيار ص54.

[6] التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي 1/ 6.

[7] البرهان للزركشي 1/ 13.

[8] التدمرية ص92.

[9] الأم للشافعي 7/ 319، وانظر 2/ 28 و 4/ 242.

[10] انظر التدمرية ص96، والفتوى الحموية الكبرى لابن تيمية تحقيق د. عبدالمحسن التويجري ص290.

[11] رواه البخاري (817) ومسلم (484).

[12] تفسير الطبري 2/ 530.

[13] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 4/ 133.

[14] هو تفسير مفردات اللغة كمعرفة القرء، والنمارق، والناس، والليل، والنهار، والشمس، والقمر وغيرها.

[15]- هو تفسير الآيات المكلف بها اعتقاداً كمعرفة الله، وتوحيده، واليوم الآخر، والإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وعملاً كمعرفة الطهارة، وكيفية الصلاة، وغيرها.

[16] هو مما يخفى على غير العلماء، مما يمكن الوصول إلى معرفته، كمعرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والعام والخاص، والمطلق والمقيد.

[17] هو حقائق ما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر؛ فهذه الأشياء تفهم بمعناها، ولا تدرك حقيقة ما هي عليه في الواقع.

[18] التدمرية ص90 - 91.

[19] الفتوى الحموية الكبرى ص290.

ـ[زوجة وأم]ــــــــ[30 - 03 - 08, 11:58 ص]ـ

هذا ممتاز

بارك الله فيكم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير