فالسندات هي: قروض طويلة أو قصيرة الأجل، تصدرها شركة مساهمة، أو بنك، أو حكومة، أو غير ذلك، يقوم المستثمر بشراء هذه السندات بقيمها الإسمية (مثلاً 100 دينار لكل سند)، لمدة محددة، مقابل عائد دوري ثابت ـ يسمونه الفائدة ـ متفق عليه بين المستثمر والهيئة المصدرة للسند، أو نفع مشروط؛كالجوائز التي توزع بالقرعة ـ اليانصيب ـ، أو مبلغ مقطوع، أو غير ذلك من الانتفاعات، وفي نهاية مدة السند (وقت الاستحقاق) يحصل المستثمر على القيمة الإسمية للسند.
فالسندات إذن قروض بزيادة في مقابل الزمن، وذلك هو ربا القرض (الدَّيْن)؛ أحد صور الربا التي حرّمها الإسلام، بل أوضح صورة في التحريم. فالسندات قروض ربوية، والبورصة عندما تبيع السندات تكون قد باعت قروضاً ربوية، فهل يشك مسلم ورع في حرمة هذا؟
وقد قرر المجمع الفقهي الإسلامي بجدة في دورته السادسة بتاريخ 17ـ23 شعبان 1410 هـ بخصوص السندات ما يلي:
أولاً: إنَّ السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعاً من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول؛ لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة، أو عامة ترتبط بالدولة. ولا أثر لتسميتها شهادات، أو صكوكاً استثمارية، أو ادخارية، أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحاً أو ريعاً أو عمولة أو عائداً.
ثانياً: تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري، باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الإسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها حسماً لهذه السندات.
ثالثاً: كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم لا على التعيين، فضلاً عن شبهة القمار.
رابعاً: من البدائل للسندات المحرمة ـ إصداراً أو شراءً أو تداولاً ـ السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك، ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلاً.
الأسهم:
عبارة عن جزء شائع في رأس مال الشركة المساهمة.
وإنشاء شركات مساهمة أمر جائز في الشرع؛ لأنَّ الأصل في المعاملات والمبايعات الحل. ولكن يشترط في هذه الشركات أن لا يكون نشاطها التجاري وغرضها الأساسي محرّماً؛ كشركات التأمين، والشركات الربوية، وشركات الخمور، والدخان، وغيرها ...
كما انّه لا يجوز الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات كالربا ونحوه وإن كانت أنشطتها التجارية الأساسية مشروعة.
إذن عندما تطرح البورصة أسهماً للتداول لابد من النظر إلى حال الشركة المصدرة لتلك الأسهم، وواقع عملها واستثمارها. فهذا الأمر يتطلب من المستثمرين أنفسهم علماً شرعياً وفقهاً في البيوع والمعاملات، كي يكونوا على بيّنة من أمرهم ودينهم، وهذا مما يكاد ينعدم في حال عامة الناس والتجار اليوم.
ويتطلب أيضاً أن يكون في البورصة رقابة شرعية صحيحة على المعاملات نصحاً للناس في دينهم، فهل بورصات اليوم فيها هذا المطلب إن شئنا أن نقول إنَّ وضع ضوابط شرعية للبورصة أولى من إلغائها ومنع التعامل معها؟!
ومادام كلا الأمرين منعدم؛ العلم الشرعي للمستثمرين وما يتبع ذلك من ديانة وتقوى وتصوّن عن الحرام، ورقابة شرعية صحيحة لأهل العلم تضبط مسار البورصة وتنصح للأمة؛ فيجب التورّع عن القول بإباحة التعامل مع البورصة جملة.
وهب أنَّ الأسهم التي طرحتها البورصة للتداول شرعية، فإنَّ هذا لا يكفي في الحكم على عمل البورصة بالحِلّ؛ لأنّه لابد من النظر في كيفية إبرام العقود بيعاً وشراءً. ومن أجل بيان ذلك ألخّصُ ما جاء في "موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي" للأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس ص (466) ـ ص (476) بتصرف.
من المعلوم عند عقد البيع وجوب قبض البدلين كليهما أو أحدهما، فإما تُقبض السلعة، وإما الثمن، وإما كلاهما، أما بيع الدين بالدين فلا يشرع.
أما في البورصة فلا يوجد قبض ولا تسلم ولا تسليم؛ والبيع فيها آجلٌ وله صور متعددة:
¥