لقد راجعت عددا كثيرا من كتب التفسير فوجدت أنهم قد قالوا:
أن المقصود بالكتاب المكنون القرآن المحفوظ في السماء
أما المقصود ب {المطهرون} فهم الملائكة
هذا الطبري يقول: وقوله: (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) يقول تعالى ذكره: هو في كتاب مصون عند الله لا يمسه شيء من أذى من غبار ولا غيره. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل تفسير الطبري - (ج 23 / ص 149)
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: (إِلا الْمُطَهَّرُونَ) وذكر أن ابن عباس سعيد ابن جبير ومجاهد عكرمة و أبي العالية قالوا هم الملائكة
ثم قال: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) ذاكم عند ربّ العالمين، فأما عندكم فيمسه المشرك النجس، والمنافق الرَّجِس.
و عن قتادة، قوله: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) قال لا يمسه عند الله إلا المطهرون، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسيّ النجس، والمنافق الرجس
تفسير الطبري - (ج 23 / ص 151)
وابن كثير ذكر نحو ما ذكره الطبري تفسير ابن كثير - (ج 7 / ص 545)
وقال البغوي: {لا يَمَسُّهُ} أي ذلك الكتاب المكنون، {إِلا الْمُطَهَّرُونَ} وهم الملائكة الموصوفون بالطهارة، يروى هذا عن أنس، وهو قول سعيد بن جبير، وأبي العالية، وقتادة وابن زيد: أنهم الملائكة، وروى حسان عن الكلبي قال: هم السفرة الكرام البررة.
و
روى محمد بن الفضيل 152/أ عنه لا يقرؤه إلا الموحِّدون. قال عكرمة: وكان ابن عباس ينهى أن يمكن اليهود والنصارى من قراءة القرآن.
قال الفَّراء: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به (1).
وقال قوم: معناه لا يمسه إلا المطهرون من الأحداث والجنابات، وظاهر الآية نفيٌ ومعناها نهي، قالوا: لا يجوز للجنب ولا للحائض ولا المحدث حمل المصحف ولا مسُّهُ، وهو قول عطاء وطاووس، وسالم، والقاسم، وأكثر أهل العلم، وبه قال مالك والشافعي.
وقال الحكم، وحماد، وأبو حنيفة: يجوز للمحدث والجنب حمل المصحف ومسه. والأول قول أكثر الفقهاء.
تفسير البغوي - (ج 8 / ص 23)
وإلى مثل ذلك أو قريب منه جاء في الألوسي والبحر المحيط وفتح القدير
ولخص ابن الجوزي ورتب المسألة كعادته قال:
قوله تعالى: {في كتاب} فيه قولان.
أحدهما: أنه اللوح المحفوظ، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه المصحف الذي بأيدينا، قاله مجاهد، وقتادة.
وفي «المكنون» قولان.
أحدهما: مستور عن الخلق، قاله مقاتل، وهذا على القول الأول.
والثاني: مصون، قاله الزجاج.
قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} من قال: إنَّه اللوح المحفوظ. فالمطهرون عنده: الملائكة، وهذا قول ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير. فعلى هذا يكون الكلام خبراً.
ومن قال: هو المصحف، ففي المطهرين أربعة أقوال.
أحدها: أنهم المطهرون من الأحداث، قاله الجمهور. فيكون ظاهر الكلام النفي، ومعناه النهي.
والثاني: المطهرون من الشرك، قاله ابن السائب.
والثالث: المطهرون من الذنوب والخطايا، قاله الربيع بن أنس.
والرابع: أن معنى الكلام: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به، حكاه الفراء.
وقال الرازي: ما المراد من الكتاب؟ نقول فيه وجوه الأول: وهو الأصح أنه اللوح المحفوظ ويدل عليه قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ}
فمن قال: المراد من الكتاب اللوح المحفوظ، وهو الأصح على ما بينا، قال: هو إخبار معنى كما هو إخبار لفظاً، إذا قلنا: إن المضمر في {يَمَسُّهُ} للكتاب،
ومن قال: المراد المصحف اختلف في قوله، وفيه وجه ضعيف نقله ابن عطية أنه نهي لفظاً ومعنى وجلبت إليه ضمة الهاء لا للإعراب ولا وجه له.
تفسير الرازي - (ج 15 / ص 188 - 187)
وحول هذه المعاني دارت باقي كتب التفسير، مع الاتفاق على أن الراجح في:
{الكتاب المكنون} أنه الموجود في السماء في اللوح المحفوظ
وأن الراجح في: {المطهرون} الملائكة
ومن هنا لفت نظري أن الفقهاء بنوا رأيهم في تحريم قراءة القرآن ومس المصحف على الحائض والنفساء على غير الراجح من تفسير الآية.
وهذا الحكم على هذه الحال كأنه يدل على أن عين الحيض والنفساء نجس،
¥