تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما لايفوتنا أن نتقدم بالشكر الجزيل لإدارة الأبحاث بجامعة الكويت لتمويلها لهذا البحث برقم ( HHo2o ) فلهم جزيل الشكر وعظيم الامتنان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد 0

مدخل البحث

إن تحديد ماهية الشيء وتصويرها أمر مهم جداً في إلحاق الحكم عليه، إذ أن الأحكام تبنى على المعنى الذي يحددها الشارع أو حددتها اللغة، أو مايرجع إلى عادة الناس وعرفهم 0 وفي هذا يقول شيخ الإسلام (1): " فصل الخطاب في هذا الباب ينبغي أن ينظر في ماهية الشىء، ثم يطلق عليه التحريم أو الكراهة أو غير ذلك "0

ولاشك أن هذا المنهج يسهِّل علينا أمرين:

الأول: يزيل علينا الأشكال في تحديد معنى الغناء 0

الثاني: يساعدنا على تصوير المسألة مما يسهِّل علينا إلحاق الحكم عليه0

ولمعرفة الغناء المصحوب بالعزف من دونه كان لابد من تحديد ماهيته وتميزه عن النثر والشعر الموزون المقضى 0 فهو في كلماته شعر موزون لايخرج عن كونه شعراً مباحاً أو شعراً غير مباح 0 (2)

(1) أصل هذا الكلام لابن الجوزي في تليس إبليس 0

(2) يقسم العلماء الشعر المباح إلى خمسة أقسام أولها: شعر في وصف الكون وخلق الله 0 ثانيها: شعر الحجيج تشويقاً للقاء البيت الحرام 0 ثالثها: شعر الزهد والفضائل 0 رابعها: أشعار العرس الخالية من البذاءة 0 خامسها: أشعار الجهاد والغزاة لتقوية النفس على لقاء العدو 0

وأما الشعر الغير مباح فهو على أقسام خمسة كذلك:

أولها: أشعار النياحة على الأموات، وهو مصحوب بالتسخط على الأقدار، ثانيها: أشعار السب والهجاء 0 ثالثها: أشعار المدح والفخر، وهو محرم، مثل شعر السب والهجاء مالم يكن بحق ومصلحة 0 رابعها: الأشعار الشركية التي يشبه بها المخلوق بالخالق 0 خامسها: أشعار التغني والفحش ووصف النساء 0

وهذا له حكم خاص به، وإن صحبته آلات من آلات اللهو صار له حكم آخر 0 ولذا كان لابد من تعريف الغناء منفرداً وآلات اللهو منفردة 00

وتعريفهما وهما مجتمعان:

• تعريف الغناء في اللغة:

جاء في لسان العرب أن الغناء هو " كل من رفع صوته ووالاه، فصوته عند العرب غناء (1) 0 والغناء من الصوت ماطرّب به قال حميد بن ثور: " عجبت لها أنَّى يكون عناؤها فصيحاً ولم يغفر بمطقها فما (2) 0

وجاء في المصباح المنير: تغزلّ بها، وغنىَّ بزيد: مدحه أو هجاه 0 وغنىَّ الحمام تغنة: صوّت (3) 0

ويطلق الغناء (بالمد والكسر): على الترنم الذي تسميه العرب (النصب) بفتح النون وسكون المهملة (4)، وعلى الحداء (بالمد والكسر) المعروف عند العرب وعلى مجرد الانشاد: قال ابن الأثير في النهاية (5) في حديث عائشة (وعندي جاريتان تغنيان بغناء يوم بُعاث) أى تنشدان الأشعار التي قيلت يوم بعاث 0

• تعريفه في الاصطلاح الشرعي:

جاء تعريف الشرعي للغناء موافقا لعُرف اللغة في تسميته برفع الصوت وموالاته ويطلق كذلك على رفع الصوت وموالاته بطريقة التلحين والتطريب،

(1) لسان العرب: 6/ 3309 0

(2) لسان العرب: 6/ 3310 0

(3) المصباح المنير: 2/ 109 بتصرف يسير 0

(4) انظر الفتح: 2/ 442 0

(5) انظر الفتح: 3/ 392 0

(6) البخاري في التوحيد: رقم 6973/ أبو داود: الصلاة: رقم 1257، وأحمد: 1396 0

وعلى هذا قال ?: "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن " (1) 0 ومنها قوله ?: " زينوا القرآن بأصواتكم " (2) 0 ومنها أن أبا موسى الأشعري، استمع النبي ? لصوته وأثنى على حسن الصوت وقال: " لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داود " 0 وقال له أبو موسى: لو أعلم أنك استمعت لحبرته لك تحبيراً ـ أى زينته وحسنته ـ (3) 0 ومنها أنه ? كان يسمع إنشاد الصحابة وكانوا يرتجزون بين يديه في حفر الخندق:

نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد مابقينا أحداً

ومنها ? سمع قصيدة كعب بن زهير وأجازه وغيرها كثير00

أما عند اصطلاح أهل الغناء والمتصوفة:

الغناء هو رفع الصوت بالكلام الموزون المطرب المصاحب بالآلات غالباً، وعلى هذا فإن المتصوفة وأهل الغناء متفقون على الظاهر، غير أنهم يختلفون من جهة الباطن، وهو كون سماع الغناء عند المتصوفة يكون بطريقة التعبد والتقرب إلى الله تعالى 0

وعلى هذا فإن الغناء المعروف عند العرب، ورفع الصوت وموالاته مع شيء من التطريب والتلحين ولم يكن معروفاً بضرب الكف أو القضيب أو غيرها من الآلات 0

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير