تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(وربك يخلق مايشاء ويختار ماكان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون * وربك يعلم ماتكن صدورهم ومايعلنون * وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون) الآيات في سورة القصص وفي الركعة الثانية بقوله تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا) الآية في سورة الاحزاب (18).

قال ابن حجر: "والأكمل أن يقرأ في كل منهما السورة والاية الأوليين في الأولى والأخريين في الثانية ".

فكأنه رحمه الله رأى الجمع بين القولين، لأنه مناسب وإن لم يرد.

9 - ظاهر الحديث يدل على صلاة هاتين الركعتين حتى في أوقات النهي، لاسيما إذا كان الأمر المستخار له يفوت، أولا يمكن تأجيله إلى خروج وقت النهي. وأصحاب المذاهب على منعها في أوقات النهي (19).

10 - ظاهر الحديث أن ا لدعاء يكون عقب الصلاة، وهو قول الجمهور.

قال القرطبي:" ثم يدعو بهذا الدعاء بعد السلام " ومثله قال الشوكاني (20).

وأجاز ابن حجر الدعاء في أثناء الصلاة في السجود أو بعد التشهد (21).

واختار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله أن الدعاء يكون قبل السلام (22).

قلت: والأقرب قول الجمهور لظاهر الحديث.

*ويستحب أن يستقبل القبلة في دعاء الاستخارة، وأن يرفع يديه، ويراعي جميع آداب الدعاء

وهل يفتتح الدعاء بالحمد والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: استحب ذلك بعض أهل العلم،

قال ابن عابدين: "ويستحب افتتاح الدعاء وختمه بالحمد له والصلاة" (23) وقال النووي: "ويستحب إفتتاح الدعاء المذكور، وختمه بالحمد لله والصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم) (24).

قلت: وقد يقال: إنه يقتصر على ماورد في الحديث من غير زيادة. والله أعلم

* ويستحب أن يكرر الدعاء ثلاثاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً.

11 - علامة القبول هو انشراح الصدر، والطمأنينة والسرور لما استُخير له.

فإن لم يظهر له شيء، فقد قال العلماء رحمهم الله: "له أن يعيد الاستخارة مرة وثانية وثالثة وهكذا، وأوصلها بعضهم إلى سبع مرات، استدلالاً بحديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً: "يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات، ثم انظر إلى الذي يسبق إلى قلبك فإن الخير فيه " و هذا الحديث –كما قال ابن حجر:"لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واهٍ جداً " (25).

قال النووي رحمه الله: ينبغي أن يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح له، فلا ينبغي أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمستخير ترك اختياره رأساً، وإلا فلا يكون مستخيراً لله بل يكون مستخيراً لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة، وفي التبرى من العلم والقدرة واثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك تبرأ من الحول والقوة، ومن اختار نفسه) (26).

وفي قوله رحمه الله: "وقد يكون غير صادق مع الله في طلب الخيرة"،إشارة إلى أنه ينبغي للمستخير أن يصدق مع الله في طلب الخيرة وأن يُظهر فقره وذله لربه جل وعلا، فإن لم يظهر ذلك منه فربما لا يوافق، أولا يظهر له باستخارته ما يريد، وهذا قد يحدث لبعض الناس تجده يستخير وهو عازم على أمر من الأمور، وإنما يريد فقط أن يأتي بسنة الاستخارة، فحال هذا كما تقدم.

12 - عموم الحديث يشمل الرجال والنساء في مشروعية الاستخارة، فالمرأة كالرجل إذا همت بالأمر فإنها تستخير الله تعالى.

فإذا كانت معذورة بترك الصلاة، كما لو كانت حائضاً أو نفساء واحتاجت الاستخارة، فإنها تستقبل القبلة وترفع يديها وتدعو بهذا الدعاء من غير صلاة.

لاسيما إذا تقدم لها خاطب فإنها تستخير الله فيه، وقد ثبت في "صحيح مسلم "في قصة زواج زينب بنت جحش برسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث أنس رضي الله عنه قال" لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيدٍ فاذكرها عليَّ، قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخِّمر عجينها، قال: فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها، فوليتها ظهري ونكصت على عقبي، فقلت: يا زينب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن …) (27).

قال النووي رحمه الله في شرحه:" وفيه استحباب صلاة الاستخارة لمن هم بأمر سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا؟ ثم قال: ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه صلى الله عليه وسلم" (28).

وقد بوب النسائي على هذا الحديث في (سننه) فقال: (باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارتها ربها) (29).


(1) – "لسان العرب" (5/ 351).
(2) - "نيل الأوطار" (3/ 315).
(3) - "الموسوعة الفقهية" (3/ 242) بزيادة.
(4) - "الوابل الصيب" ص (175).
(5) - "التعريفات للجرجاني" ص (320)، "والمصباح المنير" مادة (همم)).
(6) – "التعريفات مادة":عزم.
(7) - "فتح الباري" (11/ 185)، " الموسوعة الفقهية " (3/ 243).
(8) – "كشاف القناع" (1/ 443).
(9) – "الموسوعة الفقهية" (3/ 242)، "الفتوحات الربانية" (1/ 347).
(10) – "نيل الأوطار" 3/ 315).
(11) – "تفسير القرطبي " 13/ 306).
(12) – "الفتح" (11/ 185).
(13) – "الأذكار" ص (179)
(14) – "الفتح" (11/ 185).
(15) – "مجموع الفتاوي" (14/ 322).
(16) - "الأذكار" ص (180).
(17) - "الفتوحات الربانية" (3/ 354).
(18) - "تفسير القرطبي" (13/ 307) والموسوعة الفقهية (3/ 245).
(19) - "الموسوعة الفقهية" (3/ 244).
(20) - "تفسير القرطبي" (13/ 307) نيل الأوطار (3/ 316).
(21) – "الفتح" (11/ 186).
(22– "مجموع الفتاوي" (23/ 2).
(23) – "حاشية ابن عابدين" (1/ 461).
(24) – "الأذكار" ص (179).
(25) - الفتح (11/ 187).
(26) – "نيل الأوطار" (3/ 317).
(27) – "صحيح مسلم" رقم (1428).
(28) – "شرح صحيح مسلم" (9/ 228).
(29) – "سنن النسائي" (6/ 79).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير